714 كيلو مترا قوام واحدة من أهم المدن الذكية في العصر الحديث، العاصمة الإدارية مشروع قومى هام وحيوى، الأمر لا يتعلق فقط ببناء مدينة تضم المباني الحكومية على طراز حديث فحسب، إنما يمثل تخطيطا يسمح للدولة المصرية أن تواكب التطور الحادث على غرار المدن العالمية.
5 سنوات من العمل من المتوقع أن تحول "صحراء" إلى "سنغافورة" جديدة على أرض مصرية، فالعاصمة إلى جانب أنها تأتى على تقارب كبير من نفس مساحة الجزيرة الآسيوية ، لكنها مدينة ذكية ومتطورة تضاهى تحضر وتطور دولة فرضت نفسها عالميا، وسيكون لها شأن كبير في تغيير المخطط العمرانى وتوزيع السكان في مصر، فالمدينة التي تبنى على أكثر من 170 ألف فدان تم تخطيطها لتشمل مساحتها السكنية حوالى 67% من إجمالي المشروع، وتعد انطلاقة قوية لدولة جادة في التحول نحول بناء وتعمير حقيقي.
تضم العاصمة الإدارية 7 أحياء سكنية وحي للمال والأعمال وآخر حكومي وحي للسفارات ، ومنطقة الأعمال المركزية ، وأطول برج في أفريقيا ومنطقة للأبراج ، كما تتضمن مدينة رياضية وأخري ثقافية ، فضلا عن أكبر حديقة مركزية في الشرق الأوسط، وتم تخصيص حوالي 40% من المساحة الإجمالية البالغة 170 ألف فدان من أجل المدينة السكانية، والتي تضم 20 حيًّا سكنيًّا، بها كثافات سكنية متنوعة كالتالي: "35% وحدات ذات كثافة سكنية مرتفعة، و50% من الوحدات ذات كثافة سكنية متوسطة، وأخيرًا 15% من الوحدات المنخفضة الكثافة".
ونجحت مصر خلال السنوات الأخيرة في تغيير خريطة بنيتها التحتية من خلال إقامة عدد كبير من الطرق والمحاور الرئيسية، وإنشاء عدد كبير من المدن الجديدة ،على رأسها اثنان من أهم المدن في تاريخ مصر الحديث وهما العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة، هاتان المدينتان لهما شأن كبير في تغيير خريطة مصر إداريا واقتصاديا وسياحيا بما ينعكس إيجابا على المواطنين.
وليس صحيحا ما يروجه البعض بأن المدن الجديدة صاحبها إنفاق كبير دون جدوى، وليس صحيحا أن نلوم الدولة على البناء والتعمير، فالأمر غير منطقى بالمرة، فما فقدته مصر نتيجة إهمالها ملف البنية التحتية وتطوير منشآتها لسنوات، تدفع ضريبته الدولة الآن ضعف التكلفة، وإن استمر الإهمال لا قدر الله لوصل الضعف أضعاف.
الدولة المصرية بقيادتها السياسية ومؤسساتها لا تسير عبثا أو عشوائيا في كثير من الملفات ، بل تمتلك رؤية واضحة للغاية، يختلف البعض على الأولويات، لكن بالتأكيد نتفق جميعا أن بناء الدولة وتعميرها ضرورة تأخرت ويجب أن نشد على عضدها في هذا الأمر وإلا خسرنا كثيرا.
وحقيقة الأمر أن ما فعلته مصر في هذا الملف جدير بالفخر والاعتزاز، فالقارىء للمشهد يجد على مدار السنوات الأخيرة ما يلى: ثورتان أثرتا على الوضع الاقتصادى للبلاد وأفقدتا مصر كثير من احتياطها النقدى وثرواتها، أزمة سياسية واقتصادية طاحنة مر بها العالم بعد الحرب الروسية الأوكرانية وقبلها أزمة كورونا، وضع غير مستقر بالمنطقة ككل ودول انهارت وأخرى تقسمت، زيادة كبيرة في عدد السكان وعدم وعى بمواجهتها، بنية تحتية أهملت سنوات طويلة أثرت على الاستثمار وحركتى الصناعة والتجارة.
وفى ظل هذا الأوضاع وبفضل الله نجحت مصر في تغيير بنيتها التحتية بالكامل وإقامة مشروعات قومية مثمرة في زمن قياسى، والأوطان لا تجنى ثمار تحركها بين عشية وضحاها، وننتظر استكمال مشروع الدولة حتى تلقى هذه المشروعات ويصل أثرها مباشرة للمواطن ويساعد في تحسين مستوى المعيشة للجميع، حفظ الله لنا مصر بخير وفى أحسن حال.