مؤكد أن المثقف الحقيقى هو من لديه القدرة على تقليص أكبر قدر من السلبيات سواء فى معيشته أو فى عمله أو حتى بدوائر علاقاته الاجتماعية والحياتية الضيقة، وهو من يحرص على تعزيز أى قدر من الإيجابيات، لذلك فالمثقف قد يكون فلاحا أو أميرا أو غفيرا، أو كهربائيا أو سبّاكا، أو مُعلما، وليس من هو يتحدث بلغة فصحى أو يمتلك مهارات السرد ورص الكلمات أو الحافظ لقصائد شعرية عديدة أو القارئ فى أدب شكسبير أو الخبير فى الموضة فحسب، لأنه أحيانا قد يكون هذا الشخص لديه كم معرفى ومعلوماتى لكنه ليس إيجابيا فى مجتمعه ولا حتى أسرته.
إذن - اعتقادنا - أنه من لا يٌساهم فى تعزيز الوعى فى مجتمعه أو لا ينتشل مجتمعه من التخلف والجهل والأمية والتطرف فهو ليس مثقفا حقيقيا حتى لو أنتج مئات من الكتب أو حفظ عشرات القصائد أو زار العالم كله أو يتحدث بلغات العجم جميعا.
نقول هذا فى ظل معاناتنا من اختلاط المفاهيم فى حياتنا العصرية، وفى ظل سيطرة عالم السوشيال ميديا وتأثيراته على الحياة العامة للأفراد، حيث تعاظمت وكثرت الشخصيات الفهلوية التى لا تمتلك أى إمكانيات حقيقية إنما تعتمد على إقناع الأخرين بكم من المعرفى لا أكثر.
بل الأخطر أن هناك من يرى أنه مثقف استنادا لأشياء أخرى ليس لها علاقة بالثقافة الحقيقية، ويتم تقديمه فى الإعلام أو الأوساط الثقافية والتوعوية على أنه نخبوى أو مثقف، وهو فى الأصل أسلوب حياته قائم على خطف كلمة من هنا وجملة من هناك أو حفظ معلومة عابرة أو التقاط صورة مع مسئول أو رمز من رموز المجتمع، أو الاحتفاظ بشهادة تكريم من هنا أو هناك.
نهاية.. علينا اليقظة والانتباه تجاه اتساع هذه الظاهرة فى ظل الانفتاح الكبير الحادث الآن على عوالم عديدة ومتسعة، تسهل السطو المريح على آراء وأفكار الآخرين، وتزيد من انتشار ما يٌسمى بـ"المثقف الفهلوى"، خاصة فى ظل التساهل فى تقدير الكفاءات وتقييم الأشخاص وفقا لمعايير قائمة على التخصص والمصداقية والثقافة الحقيقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة