كرة القدم ليست مجرد لعبة، يوجد بها طرف فائز وطرف آخر خاسر، بل هي "أكسير الحياة"، كما يقولون، وزرع الانتماء لدى الملايين من عشاقها، فهى تنزع آهات الجماهير، وكأنها آلة مسحورة تسحب العقول، فنحن نرى دائمًا الشغف الكبير فى عيون المشجعين، وتحديدًا فى مباريات طرفها الأهلى والزمالك، بوصفهما الأكثر شعبية فى مصر، من أجل رؤية فريقهما منتصرًا.
لكن لا شيء على الإطلاق أكثر تأثيرًا وإغراء، من مشهد حمية الجماهير المتراصة في المدرجات أو أمام شاشات التلفاز لتشجيع منتخب بلدنا ، فالمصريون يتنفسون انتماء مع كرة القدم، وعندما يكون الأمور متعلق بمباريات منتخبنا الوطني نجد الكل، شيوخ وأطفال وشباب، ونساء ورجال، وفقراء وأغنياء، ومثقفون وأميون، أهلاوى وزمالكاوى، يُنسجون فى ثوب واحد، وتظهر المتعة الحقيقية مع ظهور النزعة الوطنية لتشجيع بلدنا والوقوف خلف لاعبينا من أجل رفع اسم بلدنا عاليًا فى المحافل الدولية.
نحن الأيام القليلة المقبلة، سنكون على موعد خاص مع منتخبنا الوطنى، الذي يستعد حاليًا لخوض غمار منافسات النسخة 34 من بطولة كأس الأمم الأفريقية التى تقام فى كوت ديفوار، وسط ترقب وتشجيع ودعاء الملايين من المصريين لدعم اللاعبين فى رحلة المنافسة على اللقب واستعادة الأمجاد داخل القارة السمراء، من خلال الظفر بالنجمة الثامنة، بعد سنوات عجاف منذ آخر نسخة فزنا بها عام 2010.
"الروح الجماعية والقتالية" تعد "سر الخلطة" في إنجازات منتخبنا الوطني تاريخيًا، وشاهدنا تلك الروح عادت إلى الصفوف الفترة الماضية بفضل تركيز الجهاز الفني بقيادة البرتغالي روي فيتوريا، وتكاتف جميع اللاعبين، فلا فرق بين أهلاوي أو زمالكاوي، وهو ما لمسته في فيديو خاص محمد عبد المنعم وأحمد سيد "زيزو"، إذ أن العلاقة الجيدة بين الجميع ستفضى على التعصب الكروي لأي نادي بين صفوف الجماهير على مدرجات السوشيال ميديا، كما أن اللاعبين الكبار على رأسهم نجمنا العالمي محمد صلاح سيكون له دورًا كبيرًا في لم الشمل والتعاهد على استعادة الأمجاد الإفريقية.
نحتاج الآن الوقوف خلف اللاعبين وعدم سن ألسنة الانتقادات في الآلات الإعلامية ضد فيتوريا بسبب طريقة اللعب أو التشكيل الأساسي أو ضم "فلان" واستبعاد "علان" من القائمة النهائية، على أن يكون الحساب بالجملة وليس القطعة، لأنني مقتنع جدًا بفكرة أن "كل شيخ وله طريقة"، وليس معنى أن الطريقة التي يلعب المدرب البرتغالي لا تتماشي مع أفكار البعض مننا أنه خطأ وهم الأصح، فالعبرة دائمًا بالخواتيم، كما يقال في قواميس التعليق على المباريات، وبكل تأكيد أن نجاح أو فشل أي طريقة يعود في المقام الأول إلى اللاعبين من خلال استيعابهم والتنفيذ والتكاتف بحثًا عن النجاح..
ختامًا، المشهد الذي أتمنى الجميع رؤيته مع نهاية البطولة، هو خروج الجماهير حاملة أعلام مصر إلى كل شوارع المحروسة والفرحة والرقصات والزغاريد هي عنوانها بعد فوز منتخبنا الوطني بلقب أمم أفريقيا للمرة الثامنة، في مشهد اعتدنا عليه خلال الجيل الذهبي الذي حقق الثلاثية التاريخية أعوام 2006 و2008 و2010.. "كله يشجع مصر.. ويقول يارب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة