فى الوقت الذى يستمر فيه عدوان إسرائيل على قطاع غزة، بلا أفق واضح لنهايته، تتزايد بشكل يومى احتمالات توسع الصراع بشكل قد يؤثر على الأمن الإقليمى والدولى والمصالح الأمريكية فى سوريا والعراق، بجانب إشعال جبهة البحر الأحمر، والقصف الأمريكى والبريطانى للحوثيين، وأيضا تأثير الاغتيالات التى نفذتها إسرائيل فى جنوب لبنان والتى قد تفتح جبهة أخرى ستكون فيها الخسارة أكبر، بجانب استمرار تدفق الصواريخ من المقاومة على تل أبيب، وأيضا عودة عمليات الطعن والدهس، وآخرها عملية منطقة رعنانا فى تل أبيب.
وفى الوقت نفسه تتزايد أخبار عن تزايد الخلافات بين إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى يرفض الاستجابة لأغلب الطلبات الأمريكية، وينقل موقع «إكسيوس» عن أربعة مسؤولين أمريكيين على إطلاع مباشر بالقضية، تزايد إحباط بايدن وكبار مسؤولى إدارته من نتنياهو ورفضه للمطالب المتعلقة بالحرب على قطاع غزة.
ويقول التقرير، إنه بالرغم من أن بايدن، وبعد عملية 7 أكتوبر، منح إسرائيل دعمه وتأييده العسكرى والدبلوماسى وتحمل انتقادات من معسكره وقاعدته الشعبية فى عام الانتخابات، لكنه واجه رفضا من نتنياهو لمطالبه، وهو ما جعل بايدن يفقد صبره، وقال السيناتور الديمقراطى كريس فان هولين، إن نتنياهو تعامل مع بايدن بشكل سيئ، ورفض مناشداته.
وزعم تقرير أكسيوس ـ حسب تقرير الزميلات ريم عبدالحميد ورباب فتحى وفاطمة شوقى فى اليوم السابع ـ أن بايدن ونتنياهو لم يتحدثا على مدار 20 يوما، منذ الاتصال الحاد بينهما فى 23 ديسمبر، حيث رفض نتنياهو طلب بايدن بأن تطلق إسرائيل عائدات الضرائب الفلسطينية التى تحجبها، وأنهى بايدن الحوار، وكانا من قبل يتحدثان بشكل شبه يومى خلال أول شهرين للحرب.
وتشير التقارير إلى أن بايدن ومستشاريه يرون أن إسرائيل لا تقوم بما يكفى لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بل وربما تعرقلها، على العكس مما ادعاه محامو الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية، بجانب غياب أى خطط واضحة لدى نتنياهو حول خطط ما بعد الحرب، ووجود مؤشرات على أن إسرائيل لن تنفذ جدولها الزمنى لتقليل الحرب على غزة، بنهاية يناير الجارى، وتقليل عدد الضحايا من المدنيين خاصة الأطفال، وأن تصريحات نتنياهو ووزرائه قد تشير إلى استمرار الحرب بشكل قد لا يكون مناسبا ولا ينتهى لنتيجة، وبالتالى كما تذكر «واشنطن بوست» سيكون من الصعب على بايدن استمرار نفس المستوى من الدعم للحرب على غزة.
فى المقابل، فإن مسؤولين بالإدارة الأمريكية، ومنهم المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى جون كيربى، يقللون من هذه التقارير، ويرون أن أى خلافات لا تعنى شيئا ولا تقلل من وضع العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، بل ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن إسرائيل تتمسك باستمرار حربها بما قد يتجاوز شهر يناير، ورفض مطالب إدارة بايدن لـ«ضبط النفس»، بينما تواصل قوات الاحتلال سياسة الأرض المحروقة، وأن محاولات وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، بإرسال رسائل إلى إيران وأطراف إقليمية بعدم توسيع الصراع، قد تفقد تأثيرا فى حال استمرت الاغتيالات والضربات الإسرائيلية بجنوب لبنان، خاصة مع تزايد التقارير حول أن إدارة بايدن بالرغم من دعمها غير المحدود لإسرائيل، غير قادرة على توجيه مسارات الحرب، أو مضاعفة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وبالتالى تتمسك بتأييد ودعم العدوان فى عالم يزداد غضبا ورفضا.
وتتزايد احتمالات اتساع رقعة الحرب إقليميا، وحسب ما نشرته صحيفة «الجارديان» نقلا عن دبلوماسيين فإن استهداف قادة حزب الله وتنفيذ اغتيالات فى لبنان، من شأنه أن يضاعف من احتمالات التوسع للحرب، بجانب أن الإدارة الأمريكية باستمرار دعمها للعدوان تقف معنويا فى قفص الاتهام الموجه للاحتلال بارتكاب جرائم إبادة ضد الفلسطينيين فى غزة، رغم أن الإدارة الأمريكية تحاول التقليل من المحاكمة، وتمارس ضغوط لوقفها.
كل هذه المعطيات تضاعف من خطر تعرض المصالح الأمريكية للخطر، فى سوريا والعراق والبحر الأحمر، من دون أن تمتلك أى قدرة على تحقيق مطالبها من نتنياهو، أو السيطرة على خطر يتسع بشكل قد تصعب السيطرة عليه.