«العلم الروسى لن يرفرف خلال الألعاب الأولمبية فى باريس عقابا لموسكو على جرائم حرب فى أوكرانيا» بتلك الجملة كشر الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، عن أنيابه لنظيره الروسى فلاديمير بوتين، فى حين ستفتح باريس أحضانها لمشاركة إسرائيل بكل حرية فى دورة الألعاب الأولمبية التى تستضيفها فرنسا فى غضون 200 يوم من الآن، متجاهلة ارتكاب تل أبيب إبادة جماعية بحق المدنيين بقطاع غزة راح ضحيتها 24 ألف شهيد و56 ألف جريح أغلبهم من الأطفال والنساء.
واستكمالا لازدواجية المعايير الغربية تجاه ما يحدث فى غزة، والدعم اللامحدود لاسرائيل، يرفض الغرب فتح الباب للمساواة بين روسيا وإسرائيل، فلا يعاقب الأخيرة رياضيا على جرائمها، فى وقت حرمت فيه اللجنة الدولية الأولمبية الرياضيين من روسيا وبيلاروسيا من حمل أعلام دولهم وعزف نشيدهم الوطنى واشترطت على من يشارك أن يكون تمثيله بصورة «محايد». الأزمة خيمت على باريس التى ستستضيف دورة الألعاب الأولمبية 2024، والتى كانت تأمل فى تنظيم دورة استثنائية ومبهرة ينتظرها كل محبى الرياضة، بعد أن عقدت دورة طوكيو الماضية فى ظروف استثنائية وبدون جمهور بسبب فيروس كورونا، إلا أن غزة أبت أن تمر أجواء البطولة فى هدوء.
ويقود حزب فرنسا الأبية فى البرلمان حمله لدفع ماكرون للضغط على اللجنة الأولمبية للمساواة بين روسيا وإسرائيل، وطالب الحزب بمشاركة الرياضيين الإسرائيليين فى أولمبياد باريس 2024 بوضع «محايد» على غرار الرياضيين الروس والبيلاروسيين. وقال النائب عن حزب فرنسا الأبية إيمريك كارون، والذى انتخب نائبًا فى البرلمان عن باريس، التى ستستضيف دورة الألعاب الأولمبية لعام 2024: «كما اختارت فى السابق معاقبة روسيا، أطالب اللجنة الأولمبية الدولية بمعاقبة إسرائيل، حيث يرتكب جيشها جرائم حرب خطيرة فى غزة منذ ثلاثة أشهر». وشدد كارون، وفقا لصحيفة «ميديابارت» الفرنسية، على أنه «إذا طبقت اللجنة معايير مزدوجة بهذا الخصوص، فإن الناس لن تتفهم ذلك»، وأضاف: «يجب على الدبلوماسية الفرنسية الضغط على اللجنة الأولمبية الدولية حتى لا تسمح باستخدام علم إسرائيل ونشيدها الوطنى فى هذه الألعاب الأولمبية».
ورأى أن اللجنة الأولمبية الدولية إن رفضت فرض عقوبات مباشرة على إسرائيل بسبب سياستها الاستعمارية والاحتلالية وانتهاك حقوق الفلسطينيين، فإنها «لا تستطيع تجاهل المجازر اليومية التى يرتكبها الجيش الإسرائيلى فى غزة منذ شهر أكتوبر الماضى».
وأضاف أنه لا يمكن للجنة أيضا تجاهل فرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلى «لأنها اختارت فرض عقوبات على دولتين أخريين بسبب أعمال حرب مماثلة، فى وقت وصل فيه عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين إلى رقم أعلى بكثير من عدد القتلى المدنيين الأوكرانيين». وبالمقارنة بين ما يصفه الغرب بأنه جرائم حرب فى أوكرانيا وما قامت به إسرائيل بالفعل فى غزة، فالأرقام تشير إلى حرب إبادة جماعية غير مسبوقة تشنها تل أبيب على المدنيين.
وكشفت بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان، فى تقرير حديث، أن عدد المدنيين الذين راحوا ضحية الحرب الروسية على أوكرانيا خلال 20 شهرا أقل بكثير من الضحايا المدنيين فى غزة، حيث بلغوا 10 آلاف مدنى، بينهم أكثر من 560 طفلا، وأصيب أكثر من 18500، فى حين قتلت إسرائيل على مدار 100 يوم فقط منذ بدء الحرب 24100 ألف مدنى نسبة 70 % منهم نساء وأطفال وبلغ عدد المصابين أكثر من 60 ألفا.
وشدد النائب الفرنسى، على أنه «من خلال فرض عقوبات على إسرائيل بالطريقة نفسها التى فرضت بها على روسيا وبيلاروسيا، فإن اللجنة الأولمبية الدولية سوف تثبت نزاهتها، والولاء لمبادئها»، مشيرا إلى أن اللجنة الأولمبية الدولية سبق لها أن منعت جنوب أفريقيا من المشاركة فى الألعاب الأولمبية خلال فترة الفصل العنصرى.
وكان تم منع جنوب أفريقيا من المشاركة فى الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1964 فى طوكيو بسبب سياسات الفصل العنصرى، واستمر هذا الحظر فعليا حتى عام 1992، وخلال هذا الوقت، غادر بعض الرياضيين «مثل زولا بود وكبلر فيسيلز» إلى بلدان أخرى من أجل التنافس على المستوى الدولى، وواصل بعض الرياضيين مسيرتهم الرياضية فى جنوب أفريقيا بشكل فردى، وتألق بعض النجوم مثل عداءة سباق 400 متر للسيدات ميرتل بوثما التى سجلت رقما قياسيا عالميا فى بطولات جنوب أفريقيا.
والآن يجب أن تؤدى جرائم إسرائيل الحربية فى غزة والضفة الغربية إلى حملة لإبعادها من أولمبياد باريس، وتتزايد المطالب الدولية بالضغط على تل أبيب، ومن وجهة نظر المراقبين فإن إحدى قنوات الضغط هذه هى القيود الرياضية مثل تعليق مشاركتها فى الأولمبياد الفرنسى 2024.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة