مما لا شك فيه أن التريند المصري الحقيقي الذي لا أول له من آخر، سيظل ملء الأسماع والأبصار بمختلف بقاع الأرض، فلن تطغي عليه لتمحو آثره الطيب تلك التريندات المسمومة التي لوثت مدارك أجيال بعينها، لتصدر لها قدوة السوء، وطرق الندامة، والحلم الزائف، الذي بات هدفاً لكل شاب وفتاة، والذي يتمثل في الشهرة السريعة والمكسب الأسرع بطرق أبواب العالم الافتراضي، وإن كانت وهماً على وهم، لاعتلاء إحدي موجات التريند التي ستحقق حلم الثراء والصيت الذائع بأي طريقة وإن كانت مسيئة أو حتي دنيئة.
أختص في مقال اليوم واحدة من أهم وأنجح نماذج التريند المصري، في محاولة غير منقطعة للتصدي بكل قوة لهذا الغثاء، وهذه الرداءة التي تتصدر المشهد المصري، لتصيب أجياله الواعدة في مقتل.
العالمة الشابة إلهام فضالي
تعد الباحثة المصرية إلهام فضالي نموذجا مهما لإثبات أن المصري قادر على صنع المستحيل، وأن جينات العبقرية كانت ومازالت وستظل بالعقل المصري، وأن كل يوم يشهد ميلاد مصري ومصرية يثبتون عظمة وبراعة هذا العقل الذي ينتمي لأرض مباركة، قادت حضارات الدنيا، ما أثبته الزمن على مدار عصوره المختلفة التي أخرجت نماذج كثر من العباقرة والمبدعين، لتنضم العالمة الشابة المصرية إلهام فضالي ابنة محافظة بني سويف الحاصلة على جائزة أحسن بحث في الفيزياء التطبيقية لعام 2020 إلى تلك القائمة الذهبية من أبناء مصر.
عن إلهام فضالي
لم تكن الطرق مفروشة بالورود لإلهام كي تبدع وتتفوق، فقد توفي والدها في حادث، بينما كانت بأحشاء والدتها السيدة الفاضلة آمال كساب، حيث ولدت إلهام بعد وفاته بشهرين في عام 1991، ولها آخ يكبرها بثلاث سنوات.
كانت والدتها الداعم الأول لها، فقد سخرت لها جميع الإمكانات التي فاقت قدراتها المادية، لتدفعها إلى كل ما يمكن أن تتميز فيه، حيث مارست الرياضة وتفوقت بألعاب القوى، حتى حصلت على الميدالية الفضية على مستوى مصر، لكنها واجهت صعوبات وإحباطات كثيرة قبل الوصول للنتيجة التي كانت تتمناها، فكانت فكرة ممارستها الرياضة والسفر لحضور معسكرات غير شائعة بمجتمعها آنذاك، لكن أسرتها كانت داعمة لها رغم كل شىء، كما واجهت أيضاً بعض المواقف العنصرية أثناء فترات سفرها بالخارج كونها فتاة محجبة تحتفظ بتقاليدها.
وكذلك تميزت إلهام في الموسيقى والبيانو والخط العربي، حيث لاحظ محمود العمري مدرس اللغة العربية في الابتدائية تميز إلهام، فنصح الأم بمنحها دروساً في الخط العربي لصقل موهبتها، فكانت تكتب بها أبيات الشعر وآيات القرآن، وتقلد عناوين جريدة الأهرام بخط يدها، ثم يبروز جدها لأمها ما تكتبه ويعلقه على الحائط.
وبعد أن حصدت المركز الأول بالإعدادية على محافظة بني سويف ، تركت إلهام مدرسة الراهبات الخاصة، وذهبت إلى مدرسة الصفا الإعدادية بنات وهي مدرسة حكومية، حيث كان المصححون يتعرفون على ورقة إجابتها في كنترول الامتحانات بسبب خطها المميز واستعانتها بأبيات الشعر في موضوعات التعبير.
كما خاضت منافسات مسابقة الطالبة المثالية خلال الإعدادية، ووصلت إلى التصفيات النهائية على مستوى مصر بمحافظة الإسكندرية وحصلت على المركز الرابع.
اجتازت إلهام الثانوية العامة عام 2008 بمجموع 100.1% بعد إضافة درجات المستوى الرفيع، وذهب بها تنسيق الثانوية إلى كلية الطب البشري جامعة بني سويف،حيث لم تكن هناك كلية للهندسة ببني سويف آنذاك، فقد كانت تخشى الاغتراب وتحب أن تبقى بالقرب من عائلتها وزملائها.
بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة، تم قبول إلهام في منحة الجامعة الأمريكية، التي كانت قد تقدمت لطلبها من قبل، وبعد تفكير طويل، اتفقت إلهام ووالدتها على أن تعتذر عن قبول المنحة وأن تستكمل دراستها في كلية الطب ببني سويف، فسافرت إلهام بالفعل إلى القاهرة لتقديم اعتذار عن قبول منحة الجامعة الأمريكية، وعند وصولها وجدت استنكاراً من كل الحضور، حيث شرحت لهم بأن تخصصها علمي علوم والجامعة الأمريكية لا يوجد بها كلية طب، فأخبروها أن بها كلية هندسة ويمكنها الالتحاق بها.
وكان السؤال الذي حيرها كيف تدخل كلية هندسة وهي لم تدرس علمي رياضيات في الثانوية العامة؟!.
اقترح عليها أحد الموظفين القائمين على المنحة، عدم الاعتذار عن قبول المنحة، وأن تخوض التجربة خاصة أن الدراسة بالجامعة الأمريكية تبدأ قبل الجامعات المصرية بمدة شهر، وإذا شعرت بعدم الارتياح، يمكنها الاعتذار.
ألح عليها الموظف ونصحها بعدم تفويت الفرصة، كما أخبرها أنه يمكنها أيضاً تأجيل الدراسة في طب بني سويف، فاقتنعت إلهام بنصيحته ووقعت على أوراق التعاقد بقبول المنحة، وكانت الطالبة الوحيدة التي فعلت ذلك دون ولي أمرها.
ظلت إلهام تقدم الإعتذار لمدة عامين في كلية الطب، خشية أن تفشل في كلية الهندسة لأنها لم تدرس رياضيات 2 في الثانوية، وظل اسمها موجوداً في كشوف الامتحانات بكلية الطب لعامين.
وفي أثناء دراستها في الجامعة الأمريكية، ظلت إلهام محافظة على تقدير إمتياز طوال سنوات الدراسة، ما كان سبباً في حصولها على منحة أخرى لدراسة فصل دراسي كامل في الولايات المتحدة عام 2011، لمدة 6 أشهر بجامعة دركسل في فيلاديلفيا، بولاية بنسلفانيا.
ثم حصلت على بكالوريوس العلوم في الهندسة الإلكترونية، وقبل تخرجها من الجامعة الأمريكية، كانت قد تم قبولها لدراسة الماجستير بمنحة من الاتحاد الأوروبي لدراسة هندسة علوم النانو تكنولوجي لمدة عامين (تخصص الإلكترونيات الدقيقة) في بلجيكا والسويد لمدة عام بكل دولة.
لتحصل على الماجستير عام 2015.
ثم عملت كباحث في جامعة دلفت التقنية في هولندا، لتبدأ رحلة الدكتوراة في عام 2017 بجامعة إيندهوفن الهولندية، حيث ركزت دراساتها العليا في فيزياء الأجهزة الإلكترونية بدلًا من هندسة الإلكترونيات، .
تفاصيل أفضل بحث في الفيزياء لعام 2020
- كانت فكرة البحث حول الحصول على انبعاث ضوئي بشكل فعال وكفء من خليط السيلكون ، المكون الرئيسي للشرائح الالكترونية مثل الهواتف المحمولة.
-يجمع البحث بين فيزياء علوم المواد وجزء من الفيزياء النظرية الخاصة بمواد النانو متناهية الصغر.
-ما زال البحث في طور أولي حيث تم اثبات الفرضيات النظرية بشكل عملي في المعمل ومن المفترض حال استكمال البحث والحصول على نتائج أكبر أن يتم استخدامه في نقل البيانات بسرعة الضوء وهي أعلى سرعة موجودة في الكون.
-حيث تنتقل البيانات حاليا في الحواسب والهواتف المحمولة عن طريق الأسلاك المعدنية من خلال الإلكترونات وأنه حال استطاعتهم استبدال هذه الأسلاك والإلكترونات بسرعة الضوء ستحدث نقلة في سرعة نقل البيانات على مستوى الحواسب وعلى مستوى المراكز المسؤولة عن نقل البيانات في العالم أجمع.
-فقد كان حدوث انبعاث ضوئي من السيلكون هدفاً للعلماء منذ أكثر من 50 عاما ولم ينجحوا فيه.
-اختارت مجلة عالم الفيزياء البحث كأفضل بحث في عام 2020 على مستوى العالم، و التي تتبع أحد أكبر المجامع الفيزيائية في العالم ومقرها انجلترا، حيث ترشح المجلة 10 أبحاث على مستوى العالم كأفضل أبحاث، لتختار لجنة التحكيم البحث الخاص بإلهام فضالي، باعتباره إنجاز عام 2020 في الفيزياء، ذلك بناءً على إحداث البحث لنقلة نوعية في الفيزياء.
كما احتفت جامعة آيندهوفن الهولندية بالباحثة المصرية إلهام فضالي بوضع بوستر لها على مدخل الجامعة، كونها واحدة من أفضل رسائل الدكتوراه في علم الفيزياء لعام 2021.
إلى لقاء غير منقطع مع نموذج جديد للتريند المصري.