أغلب الناس تكون أحكامها على الآخرين من منطلق وجهات نظر وآراء غيرهم، لذا نقول لهم: "إذا أردت أن تعرف شيئًا عني فاسألني أنا، ولا تسأل غيري. فعشاق التأليف كثيرون"، وهي حقيقة لا مراء فيها، لأن أي قصة لا يكتفي راويها بأحداثها، بل لابد أن يضع لمساته الأخيرة عليها، فتخرج بشكل مبالغ فيه عن الواقع، وربما بشكل مُجافي تمامًا للواقع، وللأسف، مَنْ يستمع إليها لا يبحث أو يتحرى عن الحقيقة لأن الأمر بالنسبة له لا يخرج عن كونه مجرد تسلية، وكلما كانت الأحداث أكثر إثارة، كلما زادت التسلية، وكانت أكثر متعة، ولا يهم إن كان صاحب القصة سيكون ضحية هذه التسلية، وذلك التأليف، فربما لا تكون الأحداث أو الكلمات التي تمت نسبتها إليه فيها قدر من الإساءة إليه، ولكن بالطبع لا يملك الدفاع عن نفسه لسبب بسيط للغاية، وهو أنه لا يسمع شيئًا عما أثير حوله، فهو بطل غير موجود بالأحداث، يتم الزج باسمه فقط، دون محاولة مشاركته فيما يقال، أو يثار من حوله، فالقصة الملفقة، يتم ترتيب أحداثها، ونسج خيوطها، ثم يتم البحث عن بطل لها، ويظل البطل لا يعلم شيئًا عما يُحاك عنه، فلقد انحصر دوره في أن يكون اسمه عنوان للقصة التي تم المبالغة فيها، أو حتى تلفيقها من البداية حتى النهاية.
لذا لا تعطوا آذانكم لكل مَنْ يسرد أحداث عن أحد الأشخاص، وحاولوا أن تروا الأحداث بأنفسكم، فصاحب القصة إن لم يكن كفيلاً بروايتها، فعلى الأقل التعامل معه كفيل بأن يُظهر الحقائق كاملة، ربما قد يطول الأمر بعض الشيء، ولكن في النهاية ستتجلي الحقيقة.
فللأسف، أمانة الرواية أصحبت نادرة الوجود، فالكل يريد أن يجذب الانتباه إليه عن طريق ما يعلمه من أحداثا يكون له السبق فيها، بغض النظر عن حجم الحقائق ومقدار المغالطات، ومن هنا يتم ظلم الكثيرين بدون وجه حق، وتصبح سيرهم قصة في أفواه البشر، يتندرون بها دون أن يدركوا حجم الألم الذي يسببونه لصاحب القصة وذويه.
ونصيحتي لمَنْ يأتي بهذا السلوك ألا تستمتع بإحساس أنك أبو العريف على حساب شخص صنعت منه بطلاً لقصة ملفقة لا يعلم عنها شيء.