كل يوم تتزايد احتمالات اتساع الصراع الإقليمى، مع استمرار حرب الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين فى غزة، من دون أفق واضح أو نتائج غير المزيد من الشهداء الأطفال والمدنيين، وعلامات هذا الاتساع واضحة فى فتح جبهة مع لبنان من قبل قوات الاحتلال، سواء بتنفيذ اغتيالات أو حملات، وردود عليها تتزايد بشكل يومى، وآخرها الغارات التى شنها الطيران الإسرائيلى على جنوب لبنان، والتى يمكن أن تسقط عملية ضبط النفس، وتنشب حربا جديدة، تشير توقعات المحللين إلى أنها يمكن أن تضاعف خسائر الاحتلال.
الأمر ذاته فى ما يتعلق بأمن البحر الأحمر، واستهداف الملاحة الدولية، والتى تأثرت بالفعل، ولم ينجح القصف الأمريكى والبريطانى للحوثيين فى اليمن بتحقيق الردع، بل العكس، حيث أعلن المتحدث باسم البنتاجون، أن محاولات ردع الحوثيين لم تنجح حتى الآن، وقال - حسب قناة القاهرة الإخبارية - «إن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع شركائها فى المنطقة لإيقاف هجمات الحوثيين، والدفاع عن التجارة الدولية فى البحر الأحمر»، وأكد رايدر فى مؤتمر صحفى، نقلته قناة الحرة: «رأينا تقارير تفيد بأن هذه الضربات لم تكن دقيقة، ونواصل العمل بشكل وثيق مع الحلفاء والشركاء فى المنطقة لمنع الصراع فى غزة من التوسع إلى حرب إقليمية أوسع».
هذه التصريحات تشير الى التوسع الإقليمى للصراع، طالما لم يتم التعامل مع أصل الأزمة، وهو الحرب ذاتها التى يشنها الاحتلال على غزة، كما أنها «أى التصريحات» تتناقض مع تقديرات سابقة نقلتها «وول ستريت جورنال» عن مسؤول فى البنتاجون، بتدمير نحو ربع ترسانة الحوثيين، العسكرية، باليمن بالضربات الأمريكية والبريطانية، وإعلان رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك، تدمير 13 منصة إطلاق صواريخ تابعة للحوثيين فى اليمن، وردّ الحوثيون أنهم سيردون الاعتداءات الأمريكية والبريطانية، و«لن نتردد فى استهداف مصادر التهديد فى البحرين العربى والأحمر، ضمن حق الدفاع المشروع عن اليمن».
كل هذه التطورات تشير إلى استمرار احتمالات اتساع النزاع، واستمرار الجرائم الإسرائيلية فى غزة، والتى تضاعف من الخلافات حتى داخل المعسكر الغربى، وهو ما انعكس فى قرار البرلمان الأوروبى لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات لغزة، والذى صوت عليه البرلمان الأوروبى بأغلبية 312 صوتا، مقابل رفض 131 صوتا، وامتناع 72 عضوا عن التصويت، وبالرغم من صدور القرار بأغلبية لكنه يعكس حجم الخلافات داخل أوروبا تجاه العدوان، القرار تضمن تعبيرا عن القلق من السياسات الإسرائيلية التى تؤدى لتهجير السكان قسريا، ويدعم عمل محكمة العدل الدولية، طلب وقف إطلاق النار من البرلمان الأوروبى يمثل تحولا كبيرا فى الموقف السابق للبرلمان، فى أكتوبر الماضى، عندما دعا إلى هدنة إنسانية لزيادة تدفق المساعدات إلى المدنيين فى غزة.
لكن قرار وقف إطلاق النار بالرغم من صدوره بأغلبية، لكنه يعكس أيضا الخلافات داخل أوروبا، حتى القرار نفسه تضمن تداخلا فى المواقف من المقاومة والمحتجزين، لكنه خلاف ظاهر حتى فى الموقف من محاكمة الاحتلال أمام «العدل الدولية»، ففى حين تعارض ألمانيا محاكمة إسرائيل، قررت سلوفينيا الانضمام رسميا إلى الإجراءات أمام محكمة العدل الدولية للحصول على رأى استشارى بشأن السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وسياساتها فيها، الأمر الذى يضاعف من فرص إدانة الاحتلال فى حال استمرت الدعاوى، وتطورت بشكل يضع الاحتلال الإسرائيلى فى قفص اتهام، فضلا عن كونه يضع الولايات المتحدة فى القفص معنويا حال استمرت الإبادة والحصار والتجويع، حيث تتهم جنوب أفريقيا الاحتلال بارتكاب جرائم إبادة للفلسطينيين، وتوافر النية من تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزرائه ومسؤولين فى حكومته، ما يعكس نية الإبادة، وهى الدعوى التى تجد تأييدا من دول العالم، المختلفة.
الشاهد أن عدوان نتنياهو يضاعف من احتمالات الحرب الإقليمية، ويقسم العالم، حتى داخل معسكر الدعم للاحتلال.