هل يدرك القائمون على القطاع السياحى، سواء فى الجهات الرسمية ممثلة فى وزارة السياحة والآثار، أو القطاع الخاص، حجم كعكة عائدات السياحة الدينية عالميا؟
الإجابة عن السؤال تحتاج دراسات حقيقية وإحصائيات دقيقة، بعيدا عن الروتين الحكومى العقيم، وفهلوة القطاع الخاص والتنظير البعيد عن الواقع، فالأرقام وفق ما هو معلن فى وسائل الإعلام الدولية الرصينة سواء العامة، أو المتخصصة فى النشاط السياحى، بجانب المؤسسات المعنية، تؤكد أن حجم السياحة الدينية المسيحية فى العالم 100 مليون سائح، إسرائيل تحصد منها بمفردها ما يقرب من 5 ملايين سائح، يزورون كنيسة المهد وكنيسة القيامة وغيرهما من الأماكن المقدسة المسيحية.
وتمثل السياحة الدينية المسيحية رافدا كبيرا فى فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وغيرها من الدول، رغم أن هذه الدول لا تمتلك ما تمتلكه مصر من أماكن سياحية مصرية مقدسة، مثل مكان إقامة السيد المسيح، ولا يناظرها سوى الأماكن المقدسة فى الأراضى العربية المحتلة، وتستغلها إسرائيل، خير استغلال.
وكما أشرنا فى مقالنا المنشور يوم السبت الماضى تحت عنوان «مصر تمتلك كنزا يملأ خزائنها بمليارات الدولارات سنويا.. فهل نستغله فى 2024؟!» فإن مصر تمتلك أيضا أماكن مقدسة أخرى مثل إقامة نبى الله موسى، ونبى الله يوسف، ولا يحتاج الأمر سوى تحديد القرية أو المدينة التى كانا يقيمان بها وتحويلها لمزار سياحى عالمى، يزورها المسلمون قبل المسيحيين، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن 10ملايين سائح يزورون الأماكن الدينية فى إيطاليا، مع العلم أن عائدات السياحة فى إيطاليا تقترب من 45 مليون دولار سنويا، وهو قطاع ينمو وبسرعة كبيرة، أيضا يزور الأماكن الدينية فى إسبانيا أكثر من 8 ملايين سائح.
المحزن أن أمريكا اللاتينية، عدد سكانها أكثر من مليار مواطن، 95 % منهم مسيحيون كاثوليك، و165 مليونا منهم يزورون ما يقرب من 20 دولة فى العالم سياحيا، ورغم هذا الرقم الكبير فإن نصيب مصر من هذه الملايين لم يتجاوز 5 آلاف سائح، رغم ما تمتلكه مصر من أماكن إقامة أنبياء الله موسى ويوسف وعيسى، يمكن أن تمثل مزارات سياحية دينية ثابتة سنويا، يحج إليها ملايين السائحين، وتدر مليارات الدولارات، لو تعامل المعنيون عن قطاع السياحة، سواء الحكومة أو القطاع الخاص، باحترافية وفتح أسواق جديدة وتعظيم الأسواق القديمة، فى معظم دول العالم، وبالدعاية البراقة.
وتكتسب أهمية إقامة أنبياء الله يوسف وموسى وعيسى، فى مصر من أن الكتب السماوية المقدسة، أشارت إلى قصصهم على أرض مصر، وكيف لسيدنا يوسف، الذى وصل لبلاط قصور الحكم فى مصر، قادما من خلف أسوار السجن، وأنقذ مصر من السنوات السبع العجاف، وأيضا النبى موسى، الذى ترعرع وتربى فى قصور الملك «الفرعون» عقب إلقائه فى «اليم» ثم تلقى رسالته السماوية على الأراضى المصرية، ثم نبى الله عيسى الذى جاء إلى مصر يستجير بها طلبا للأمن والأمان مع والدته السيدة العذراء ويوسف النجار!
الأمر لا يقتصر فقط على الكنوز المقدسة لأماكن إقامة الأنبياء الثلاثة، وإنما هناك مقبرتان لو أمكن التوصل إلى اكتشافهما فإنه سيكون حدثا سياحيا وثقافيا عالميا فريدا، وسيكونان قبلة السياحة الثقافية والتاريخية، لما يمثلانه من زخم تاريخى ما بين أثينا وروما والإسكندرية، وهما مقبرتا الإسكندر الأكبر وكليوباترا السابعة، لتضاف إلى المقاصد السياحية المختلفة التى تتفرد بها مصر عن سائر دول العالم.
نضع هذه الحقائق أمام المعنيين والمهتمين بالقطاع السياحى، لدراستها والإسراع بوضع الخطط اللازمة لاستثمار وتوظيف هذه الكنوز القادرة على جلب المليارات من العملات الصعبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة