هناك علاقة طردية بين الزيادة الشرائية لمنتجاتنا المصرية وزيادة الدخل القومي، مما يترتب عليه زيادة في القدرات التشغيلية، وزيادة في النمو الاقتصادي للدولة، مما يسهم في الحد من معدلات البطالة؛ حيث إن الإقبال على شراء المنتج المصري يزيد من خطوط الإنتاج ويساعد في فتح مؤسسات ومصانع إنتاجية جديدة، ومن ثم يفتح مجالًا للاستثمار المحلي والأجنبي على الأراضي المصرية.
وتمتد العلاقة الطردية بين زيادة الإقبال على شراء منتجاتنا المصرية وبين توفير النقد الأجنبي المتطلب لشراء المنتجات المستوردة، كما يساعد ذلك في ارتفاع قيمة الجنيه مقابل العملات الأخرى، وهذا المردود الاقتصادي له بالغ الأثر في توطين الصناعة المصرية بسرعة هائلة؛ فمن خلال إدراكنا تجاه أهمية شراء منتجاتنا ستحدث طفرة كبرى في الاقتصاد المصري رغم التحديات الجمة التي يعاني منها الاقتصاد العالمي؛ لأن الاستهلاك المحلي المصري يعد الأكبر في المنطقة، ومن ثم يحقق عوائد ضخمة في قيمته الشرائية بكافة تنوعاتها.
وجميعنا يعي أن تحسين ما نتطلع إليه من خدمات لأبناء الشعب المصري العظيم في التعليم والصحة والعمل مرهون باقتصاد قوي يوفر متطلبات واحتياجات هذه الخدمات؛ لذا بات تعظيم اقتصاد الدولة عبر تشجيع شراء منتجاتنا المحلية أمرًا ملحًا نحقق من خلاله غايات كبرى وطموحة على المستوى القومي تحديدًا؛ فتستطيع الدولة أن تستكمل مسار نهضتها وتتغلب على تحديات حقيقية ومصطنعة ممن يريدون النيل من بلادنا المصونة بإذن ربها.
ولا نتحدث عن كون المنتج المصري بديلًا عن المستورد؛ فهذا أمرٌ نرفضه جملة وتفصيلًا؛ لكن نقر واقع قبول منتجاتنا التي اتخذت مسار الجودة نهجًا لها؛ فالمطلوب الرهان على التنافسية، والبداية يجب أن تكون من أسواقنا واستهلاكنا المحلي، ومنه للأسواق العالمية بغية تحقيق الريادة لمؤسساتنا الإنتاجية الطموحة من خلال أيدي المصريين المهرة، والإدارات التي تعتمد على الفكر الاستراتيجي في تنفيذ خطط مؤسساتها.
ولا أدعي بأن هناك ثقافة ينبغي تغييرها لدى المصريين تتمثل في ثقافة الاستهلاك للمستورد مقدمًا عن المنتج المحلي؛ فالتجربة أثبتت أن المصري لديه ثقافة راسخة استمدها من قيمه النبيلة التي تربى عليها، وهي ثقافة الولاء والانتماء لتراب هذا الوطن الغالي؛ فلأجله يضحي وفي سبيله يتنازل عن الغالي والنفيس، وفي هذا الخضم يضع أولويات الوطن في تعاطيه الآني والمستقبلي، وما نحث عليه من أجل شراء المنتج المصري فخر صناعتنا من قبيل التذكير والتحفيز والمساهمة في نشر مناخ الإيجابية والتفاؤل لدعم بيئة التصنيع المصري التي سوف تزدهر بفضل أبنائها العاملين والمستهلكين والمستمتعين بها على السواء.
إننا لا نحارب المستورد بقدر ما نحارب ترويج فكرة أو ثقافة تدني مستوى المنتج المصري؛ فالواقع يؤكد مدى التطور وطفرة جودة منتجاتنا المصرية؛ فالمستهلك المصري لا يقبل إلا ما يلبي احتياجاته ويفي بمتطلباته، وهو ما نراه الآن في الأسواق المصرية؛ حيث سعى المصريين وإقبالهم نحو شراء فخر صناعتنا ومؤسساتنا الوطنية الرسمية منها وغير الرسمية.
وفي ضوء ما تقدم أرى أن المصريين قبلوا التحدي، وتكون لديهم الوعي الصحيح تجاه الاصطفاف خلف الدولة متمثلًا في دعم اقتصادها، التي تترجمها حالة الإقبال على شراء منتجاتنا بكل اعتزاز، وفي المقابل أدى هذا الأمر إلى إحداث نشاط لم يسبق من قبل في عمليات التصنيع، وإذا ما استمر هذا الوضع؛ فسوف تتسارع عمليات التصنيع وتتنامى عجلة الإنتاج، ومن ثم تفتح مجالات العمل لشباب مصر القادر الماهر؛ فلا مناص عن صناعة مصرية نفخر بها جميعًا وندرك أهميتها.
وقيادتنا السياسية الرشيدة سبقت رؤيتها ما نحلم ونتطلع إليه في ظل الزخم الذي نعيشه من الأحداث المتتالية على الساحتين الداخلية والخارجية؛ حيث وجهت إلى توطين الصناعات الثقيلة وفق التكنولوجيا الحديثة، بعدما وفرت ما يلزم لهذا الأمر سواءً أكان معدات ومستلزمات تصنيع، أم توفير خبرات، أو سهولة إجراءات لبدأ مراحل العمل والتصنيع بالمؤسسات المعنية، أو تذليل الصعوبات والعقبات التي قد تواجه أو تطرأ على بيئة العمل والتصنيع؛ فمقولة أن الصناعة مسألة حياة من عدمه صحيحة في جملتها ومعناها، ومن ثم ينبغي أن نكون جميعنا داعمين بكل ما أوتينا من قوة، ولا نلتفت لمن يروجون إلى أن مصر غير قادة على استكمال المسيرة، وأن اقتصادها بات في خطر الانهيار والضياع، وهذا بالطبع لا نقبله ولا نلقي له اهتمام؛ فمصر دولة قوية بشعبها ومؤسساتها الوطنية وقيادتها الحكيمة ومواردها التي لا تنضب؛ فالإرادة المصرية قوية ما بقيت الحياة.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
____________
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة