حالة الجدل التي صنعها ويصنعها مسلسل حالة خاصة هي بالفعل حالة مميزة خاصة أن المسلسل يُعد عمل قليل التكلفة لكنه أثار الكثير من الإعجاب والجدل وحتى بعض الانتقاد، وفي رأيي هذا النجاح أعزوه لثلاثة أعمدة رئيسية أولها الإنتاج متمثلا في منصة WATCH IT تحت إدارة مميزة واختيارات صائبة من نشوى جاد التي استطاعت في فترة وجيزة التحليق بالمنصة في سماء التألق في عدة أعمال لم يخرج واحد منها عن مضمار النجاح، وفي هذا العمل شراكتها مع المنتج الدقيق طارق الجنايني الذي تستطيع أن تميز أعماله المختومة بختم الجودة يسهولة، أما العمود الثاني من أعمدة النجاح الثلاثة فهو الأداء العبقري من طه دسوقي والذي يمكن أن نطلق عليه السهل الممتنع فهو قدم شخصية نديم المصاب بالتوحد بشياكة وفعل ذلك وهو سايب إيده كما يقولون فجعلنا نشعر كمشاهدين بأن هذه الشخصية عاشت بيننا وربما صادفناها كثيرا، وليست مجرد شخصية درامية يؤديها ممثل محترف، فعل ذلك بذكاء ورهافة جعلتنا ننسى إنه ممثل كوميدي من الطراز الأول، فصار طه دسوقي الكوميديان ينافس طه دسوقي التراجيدي، أما لعمود الثالث الذي صنع لمسلسل حالة خاصة تلك الحالة الخاصة فهو الموسيقى التصويرية للعظيم هاني شنودة، التي كعادة هاني شنودة دائما يقدم لغة موسيقية معادلة للغة البصرية بحق فأنت حتى لو أنك تسمع موسيقى المسلسل مغمض العينين فأنت تستطيع بسهولة أن تتخيله، فهو يقدم بحق موسيقى تعبيرية تعادل الصورة والمشاعر في آن واحد.
يُحسب للمسلسل أن طرح هذه الموضوع الذي يمس فئة ليست قليلة من الحالات الخاصة التي تعيش بيننا، فقد طرح معاناتهم للعلن، وأظن أن هذه النوعية من الدراما المقدمة بشكل ذكي لها دور لطيف في تبسيط أمور معقدة للناس يجعل الكثير من المشاهدين يتفهموا أشياء وتفاصيل تخص أصحاب الحالات الخاصة ومنهم مرضى التوحد.
يحسب على المسلسل الاستهسال في قضايا تخص المحاماة وتقديمها بشكل ساذج مثل قضية الخلع التي تجتمع بهم صاحبة المكتب المحامية الكبيرة أماني النجار التي لعبت دورها ببراعة منقطعة النظير غادة ولولا مشاكل في السيناريو والطرح لكان هذا الدور من أعظم أدوار غادة عادل على الاطلاق، وهنا يظهر الجانب الضعيف في المسلسل السيناريو الذي كتبه مهاب طارق يحفل بغرائبية شديدة وكأنه منقطع الصلة بواقعنا المصري فالمحامين يراقبون الزوجة التي تطلب الخلع ويمارسوا التحقيق والاستقصاء وكأننا في مسلسل أمريكي غير قصة حمادة الذي ظل حلقات لا نعرف ماذا يريد من أماني النجار في حوار مكرور، ومن وجهة نظري أن السيناريو الضعيف نجا بسبب عدة عوامل أولها الاختيار الذكي لطه دسوقي المعروف إنه يقدم كوميدي ليقدم عمل دراما ثانيا منصة WATCH IT التي أصبح المشاهد يثق في اختياراتها وكذلك المنتج طارق الجنايني والذي قدم من قبل عمل قائم على المحاماة كله وهو مسلسل سوتس وكان بارع حدا فيما يتعلق بالقضايا ولا أعرف لماذا لم يكرر هنا التجربة فيما يخص الجزء القانوني الذي بدا مهلهلا وربما ساذجا احيانا مثل الورقة البرشامة التي يقدمها نديم لأماني النجار في الحلقة الأولى، بعد السناريو يعد حسن ابو الروس الحلقة الضعيفة الاخرى في المسلسل بأدائه المليء بالاستهبال، فعلا كم قلت استهبال وليس تمثيلا، وهذا ينتقص من المخرج المميز والواعد عبد العزيز النجار الذي لولا أداء حسن ابو الروس لكان فعلا يستحق العلامة الكاملة فهو جعلني استمر في مشاهدة المسلسل بالتقديمة المميزة في الحلقة الأولى لطه دسوقي بدون كلمة واحدة.
من الممثلين الذين لفتوا نظري بأداء متوازن ورائع أيضا نبيل على ماهر الذي قدم شخصية جميل بشكل لافت.
مسلسل حالة خاصة هو حالة خاصة من الدراما التي نحبها ونفتقدها ونحن إليها بعيدا عن دراما العنف وزخات الرصاص التي تملأ الشاشات.. دراما الإنسان العادي الذي يشيهنا أو يشبه بعضنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة