تمثل عملية اغتيال نائب رئيس حركة حماس صالح العارورى فى بيروت تطورا مهما فى الحرب الدائرة على غزة، والتى تتخذ اتجاهات مختلفة وتشير إلى احتمالات اتساع للصراع إقليميا، حيث جاء الاغتيال فى بيروت، فى وقت تشهد حدود لبنان الجنوبية مواجهات وقصفا يوميا بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلى منذ 8 أكتوبر الماضى.
اغتيال العارورى تم من خلال ضربة جوية بثلاثة صواريخ من مسيرة إسرائيلية، استهدفت مقرا لحركة حماس فى ضاحية بيروت الجنوبية، أسفرت عن 7 شهداء وإصابة 11 آخرين ، على رأسهم العارورى والقياديان فى كتائب القسام سمير أفندى وعزام أقرع و4 آخرون من عناصر الحركة.
اغتيال صالح العارورى، جاء بعد 90 يوما على بداية العدوان، يبدو محاولة من رئيس الوزراء لتحقيق أى نتائج أمام الجمهور بحثا عن مخرج، خاصة أن العدوان لم يحقق ما أعلن عنه نتنياهو من وعود بإسكات المقاومة أو القضاء عليها، وهو أمر أثبتت العمليات استحالته، وتأكد فشل الاحتلال فى القضاء على الفصائل، أو تحرير الأسرى، فضلا عن فشل مخططات تفريغ قطاع غزة من سكانه، أو إجبار سكانها على التهجير، وإعادة التوطين، أو إحياء فكرة فصل القطاع عن الضفة الغربية.
سياسة الاغتيالات هى السياسة الأساسية للموساد وحكومات الاحتلال على مدى عقود، ومنذ الأربعينيات من القرن العشرين، حيث تم تنفيذ اغتيالات فى مالطة وتونس وأوروبا ودول عربية، وخلال العقدين الأخيرين تم اغتيال الشيخ أحمد ياسين، وعبدالعزيز الرنتيسى مرورا بيحيى عياش.
اغتيال العارورى تزامن مع قوائم لقيادات المقاومة، حيث كشفت هيئة البث الإسرائيلية عن أبرز أسماء قادة حماس الذين تم وضعهم على قائمة الاغتيال بعد تصفية صالح العارورى، ومنهم رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية، والقيادى فى حماس خالد مشعل، وعضو المكتب السياسى لحماس موسى أبو مرزوق، ورئيس حركة حماس فى غزة يحيى السنوار، ومحمد دياب المصرى، وأبو خالد «الضيف» القائد العام لكتائب القسام الجناح المسلح لحماس، ومروان عيسى، نائب القائد العام للقسام، وعزالدين حداد، قائد لواء غزة، وكذلك محمد شبانة، قائد لواء رفح.
يمثل الاغتيال الأخير تحولا فى استراتيجية التحرك من قبل الاحتلال، فى محاولة لتعديل خطط الحرب، بعد استمرار خسارة الاحتلال فى غزة، وحجم الخسائر بين الفلسطينيين، خاصة بين الأطفال والنساء والشيوخ، وبالتأكيد هناك تداعيات واحتمالات لهذا الاغتيال، الذى جاء فى وقت وجود مساع مختلفة لاتفاقات ومفاوضات لوقف العدوان، بجانب مساع إقليمية ودولية لوقف العدوان، وبالتالى فإن الاغتيال يتوقع أن يقوض الجهود الدولية والإقليمية لإرساء هدنة جديدة، تمهيدا لوقف إطلاق النار، كما يتوقع أن تصدر من المقاومة رود أفعال انتقامية من قبل الفصائل، أو تجديد وتوسيع الاشتباكات على الجبهة اللبنانية.
وبالرغم من عدم صدور أى بيانات إدانة للاغتيال من قبل الولايات المتحدة، والغرب، فقد تراجع الدعم الغربى والدولى لإسرائيل بعد سقوط مزاعم الاحتلال بالدفاع عن النفس، والتى أثبت العدوان تهافتها، خاصة فى أوروبا، وفى الولايات المتحدة صدرت إشارات إلى رفض مخططات التهجير التى يسعى الاحتلال لفرضها، والتى مثلت خطرا لتوسيع نطاق المواجهة، بعد تأكيد واشنطن من رفض عربى ودولى لمخطط.
عملية اغتيال العارورى، تمثل تحولا فى الصراع، قد تؤدى إلى تعقيدات فى المشهد الإقليمى، وأيضا تشير إلى قدرات كل طرف على الاستمرار فى سباق، لإثبات القدرة على مواصلة الحرب، وهل يكون الاغتيال مخرجا لنتنياهو أم مأزقا له؟