كل يوم هناك خطوة تضاعف من تعقيد المشهد فى الحرب على غزة، ويبدو رئيس الوزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالفعل فاقدا للقدرة على تحديد أهداف لعدوانه غير المسبوق، والذى طال، بجانب أنه لم يحقق أى أهداف واضحة باستثناء قتل المزيد من المدنيين، الأطفال والنساء فى حرب إبادة واضحة، ثم إن العدوان بهذه الصورة يضاعف من احتمالات اتساع النزاع إقليميا بصورة قد تصعب السيطرة عليه، فما جرى من تنفيذ عملية اغتيال العارورى فى الضاحية الجنوبية بلبنان قد يفتح المجال لردود أفعال تجاه المصالح الأمريكية فى المنطقة.
مثلما جرى من تحرك بعض الفصائل العراقية المسلحة لاستهداف القواعد العسكرية الأمريكية خلال الفترة الماضية، وعلى الساحة السورية تحركت فصائل مسلحة ضد القواعد الأمريكية فى سوريا، وهو ما رصده تقرير الزميل أحمد جمعة فى «اليوم السابع» بأكثر من 77 استهدافا خلال الأسابيع الماضية، أيضا أمن البحر الأحمر على المحك أيضا بسبب الموقف الأمريكى والإسرائيلى واستهداف حوثى اليمن للسفن الإسرائيلية والأمريكية.
ربما لهذا هناك احتمالات لاشتعال الصراع إقليميا ودخول أطراف مختلفة على الخط، ربما لهذا تبدو زيارة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن إلى المنطقة محاولة لمنع تدهور الأوضاع فى المنطقة، وحسب «سى إن إن» نقلا عن مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية فإن التواصل غير المباشر مع إيران محور رئيسى فى رحلة بلينكن إلى الشرق الأوسط، لمحاولة منع صراع أوسع، وأن بلينكن سيوضح للقادة الذين يلتقى بهم أن الولايات المتحدة «لا تريد أن ترى الصراع يتصاعد ولا تنوى تصعيده».
لكن هذا التحرك لا يقلل من حجم الدعم الأمريكى للعدوان، حتى مع ما يصدر كل فترة حول دعوة الاحتلال لتخفيف استهداف المدنيين، بينما العدوان كله يتم من خلال الدعم الأمريكى، وبالرغم من ذلك فإن نتنياهو يرفض أى مقترحات أو حتى نصائح أمريكية، وبالرغم من أنه أثار غضب واشنطن برفضه أى مقترحات لتخفيف العدوان، أو خطط ما بعد الحرب، لكن يظل حاصلا على الدعم، ثم إنه باغتيال العارورى أوقف تحركات وصفقات لتبادل المحتجزين كان يمكن أن تؤدى لوقف الحرب.
واللافت للنظر أن عملية مثل اغتيال نائب رئيس حركة حماس صالح العارورى فى بيروت كان يمكن أن تمثل مكسبا للاحتلال ونتنياهو، لكنها لم تحقق أكثر من تعقيد للمشهد، ثم أنها كشفت عن غياب الاستراتيجية الواضحة لدى الاحتلال حيث اتضحت استحالة القضاء على المقاومة بجانب استمرار وجود استنزاف اقتصادى وأمنى، مع توقعات ردود الفعل من جهات مختلفة، باعتبار الاغتيال يتوجه إلى أطراف متعددة وليس طرفا واحدا، حيث جاء الاغتيال فى بيروت، فى وقت تشهد حدود لبنان الجنوبية مواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلى منذ 8 أكتوبر الماضى، فضلا عن فشل مخططات تفريغ قطاع غزة من سكانه، أو إجبار سكانها على التهجير، وإعادة التوطين، أو إحياء فكرة فصل القطاع عن الضفة الغربية.
وتدخل الحرب شهرها الرابع، من دون نتائج واضحة فيما يتعلق بوعود نتنياهو ووزراء الحرب، وهو ما يضاعف من الاعتقاد بأن رئيس وزراء إسرائيل يتجه إلى مجهول ويصر على البقاء فى منصبه أيا كانت النتائج والتى لا تصب لصالح الاحتلال وتضاعف من تراجع أوروبا ودول كثيرة عن استمرار دعم العدوان بعد تضاعف سقوط المدنيين وسقوط ادعاءات الدفاع عن النفس، وهو ما تنفيه النتائج على الأرض والإبادة الكبرى.
وقد أعلنت جنوب أفريقيا أن محكمة العدل الدولية حددت يوم 11 يناير الجارى لعقد الجلسة الأولى للنظر بطلب محاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية فى حربها على غزة، كانت جنوب أفريقيا تقدمت بطلب إلى محكمة العدل الدولية لرفع دعوى ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين فى غزة، وطلبت من المحكمة إصدار أمر عاجل يعلن أن إسرائيل تنتهك التزاماتها فى اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، وفى المقابل، قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضى، إن إسرائيل ستمثل أمام محكمة العدل الدولية لدحض اتهامات جنوب أفريقيا، ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن المؤسسة الأمنية والنيابة العامة فى إسرائيل تخشيان أن تنسب محكمة العدل الدولية لإسرائيل جرائم إبادة جماعية فى غزة، و أن أحد كبار الخبراء القانونيين الذين يتعاملون مع القضية حذر قادة الجيش من خطر إصدار أمر من محكمة العدل الدولية بوقف إطلاق النار.
وفى حال إدانة الاحتلال، فإنها تكون سابقة تضاعف من إدانة إسرائيل باتهامات عديدة وتفتح الباب لمحاكمة الكيان بتهم الإبادة فى سوابق عديدة، وهو ما يجعل نتنياهو مجرما متسلسلا.