رغم التزام الأطراف الإقليمية المختلفة بضبط النفس، فإن احتمالات اتساع الحرب إقليميا واردة بشكل كبير، بسبب السلوك التصعيدى للاحتلال وسياسة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، حيث أقدمت قوات الاحتلال على اغتيال القيادى فى «حزب الله» وسام طويل، فى قصف إسرائيلى استهدف سيارته فى جنوب لبنان، ليصل عدد من فقدهم الحزب أكثر من 130 مقاتلا جراء الضربات الإسرائيلية على جنوب لبنان منذ بدء العدوان على غزة، بينما أعلن الحزب إطلاق نحو 62 صاروخا من أنواع متعددة ضمن الرد على عملية اغتيال صالح العارورى نائب رئيس حركة حماس، وآخرين عن طريق ضربة جوية بثلاثة صواريخ مسيرة، استهدفت مقرا لحركة حماس فى ضاحية بيروت الجنوبية، وهناك تقارير عن إصابات بشمال إسرائيل من صواريخ حزب الله.
وتسود حالة من القلق فى الإدارة الأمريكية من احتمال التصعيد بين إسرائيل وحزب الله فى ظل زيادة وتيرة الهجمات المتبادلة، وقالت صحيفة واشنطن بوست إن تقييما استخباراتيا أمريكيا وجد أنه سيكون من الصعب على تل أبيب أن تنجح فى حرب ضد حزب الله فى ظل استمرار حربها على غزة، وأن الرئيس جو بايدن أرسل كبار مساعديه إلى الشرق الأوسط بهدف منع اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله.
يأتى ذلك بعد إعلان الاحتلال عن نيته شن عملية عسكرية كبيرة فى لبنان، ويرى مسؤولون أمريكيون أن نتنياهو قد يرى اتساع القتال فى لبنان مفتاحا لنجاته السياسية فى ظل الانتقادات الداخلية لفشل حكومته فى منع عملية طوفان الأقصى، وفى الوقت نفسه كشف استطلاع للرأى أن 64 % من الإسرائيليين غير راضين عن أداء نتنياهو.
وبالرغم من أن حزب الله يتجنب التصعيد الكبير، فإنه فى حال شن هجوم من الاحتلال، من الوارد أن تتسع دائرة الصراع بشكل يصعب السيطرة عليه، وهو ما قد يفتح باب مواجهة أوسع تتجاوز لبنان إلى مناطق أخرى، وتستقطب دخول قوى أخرى بالمنطقة، وهذا كله ضمن الموضوعات التى يركز عليها وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن فى زيارته إلى إسرائيل، لبحث تجنب التصعيد، بحسب ما قال المتحدث باسمه مات ميلر، قبل توجهه إلى المنطقة، لكن من الواضح أن حكومة نتنياهو لا تلتفت إلى هذا الطرح، وقد تندفع لتوسيع الصراع، فى محاولة من نتنياهو لإنقاذ صورته وموقفه.
وفيما يتعلق بالعدوان على غزة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، أن الاحتلال ارتكب 17 مجزرة فى قطاع غزة راح ضحيتها 249 شهيدا و510 جرحى، منذ أمس الأول الأحد حتى صباح أمس الاثنين، ليرتفع عدد ضحايا العدوان على قطاع غزة إلى 23084 شهيدا و58926 جريحا منذ 7 أكتوبر الماضى، ولا يزال آلاف الشهداء والجرحى لم يتم انتشالهم من تحت الأنقاض، بسبب تواصل القصف وخطورة الأوضاع الميدانية، وذلك فى ظل حصار خانق للقطاع وقيود مشددة على دخول الوقود والمساعدات الحيوية العاجلة للتخفيف من الأوضاع الإنسانية الكارثية.
وتستمر تفاعلات الدعوى التى رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية فى لاهاى، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية فى حرب غزة، وتطالب بوقف عاجل لحملتها العسكرية، وتقول جنوب أفريقيا فى الدعوى المؤلفة من 84 صفحة إن أفعال الاحتلال وقتل الفلسطينيين تدخل ضمن الإبادة الجماعية؛ لأنها ترتكب بقصد تدمير الفلسطينيين فى غزة وهو ما يدخل ضمن الإبادة العرقية والإثنية، وأن سلوك إسرائيل يشكل انتهاكا لاتفاقية الإبادة الجماعية، التى وقعت عليها كل من جنوب أفريقيا وإسرائيل، وتمنح محكمة العدل الدولية الاختصاص القضائى للفصل فى النزاعات على أساس المعاهدة، وتلزم اتفاقية الإبادة الجماعية جميع الدول الموقعة ليس فقط بعدم ارتكاب الإبادة الجماعية وإنما معاقبة مرتكبيها، ووصفت إسرائيل الاتهام بأنه لا أساس له، وقالت إسرائيل إنها ستمثل أمام المحكمة لعرض قضيتها، حيث تعقد أول جلسة يومى 11 و12 يناير الجارى.
كل هذه الخطوات تشير إلى اعتبار دولة الاحتلال الصهيونى خارج نطاق الدول، وتضعها فى دوائر العصابات، بجانب أنها تحمل خطر اتساع الصراع بما يؤثر على مصالح دول المنطقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة