علي سبيل المثال في بلاد كبيرة مثل الصين تمتلك من القوة البشرية الهائلة ما دفع بها للصفوف الأولي في دول العالم المتقدم بعدما كانت بمراتب بعيدة عن تلك المقدمة فقط منذ ما يقل عن قرن من الزمان .
فقد اتخذت الصين من تعداد سكانها الضخم وسيلة أساسية لدفع عجلة الإنتاج و المنافسة بقوة للدول الصناعية الكبرى ،مستغلة تلك الطاقة البشرية الهائلة التي كانت من قبل في عداد الأموات بالحياة بسبب تجارة الأفيون التي أغرقت بها انجلترا المجتمع الصيني و زراعته بكثافة بمختلف أنحاء الصين الشاسعة و ضرب قوتها البشرية بالإدمان الذي لم يفلت منه الا قليلا،
و ما إن انتفضت الصين و تخلصت من تلك الآفة التي لطالما حرص علي استقرارها المستعمر المستنزف رغبة في ضمان الخضوع ، حتي سنت القوانين الصارمة و تبنت سياسة إنتاج كل شئ و أي شئ معتمدة علي الشعب الصيني كافة من أطفاله لشيوخه ، فتحولت البيوت الصينية لمصانع صغيرة كل منها يتخصص بقطعة من منتج واحد و إن كانت حلقة معدنية فارغة ، حتي أصبحت الصين علي ما هي عليه الآن ، و الذي وجب علينا التوقف أمامه كتجربة رائدة ناجحة ملهمة.
أما عن المشروع الوطني:
" بداية "
و الذي تم إطلاقه بمنتصف الشهر الماضي ، بهدف تحسين جودة حياة المواطن المصري علي كل المستويات التعليمية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و الرياضية،
حيث يعد المشروع القومي للتنمية البشرية " بداية جديدة لبناء الإنسان " من أهم المشروعات التي تركز على تنمية المواطن المصري، وتعزز من رغبة الدولة في توفير حياة كريمة وتحسين مستوى المعيشة للملايين، إذ يضم مشروع "بداية"، العديد من المبادرات الفرعية، لتنفيذ برامج وأنشطة وخدمات متنوعة لم تقتصر على فئة معينة دون الأخرى ، بل تشمل كافة الفئات العمرية منذ الولادة إلى ما بعد الـ 65 عاما،
وبينها:
1. برامج الأطفال من سن يوم ل6 أعوام، والتي تهدف لتنمية مهارات الأطفال وتشجيعهم على الإبداع، والاهتمام بصحتهم وتقليل معدلات وفيات الأطفال حتى سن 28 يوم.
2.برامج للفئة العمرية من 6 سنوات حتى 18عاما، والتي تركز على برامج تعليمية وتدريبية لتحسين مهاراتهم وتجهيزهم صحيا وتعليميا وثقافيا وبدنيا لسوق العمل.
3.برامج للكبار من سن 18 حتى 65 عاما وما فوق، والتي تشمل برامج تدريبية لرفع القدرات والتأهيل لسوق العمل.
4. برامج لدعم كبار السن، والمشاركة المجتمعية، في إطار الحفاظ على القيم والأخلاق والمبادئ التي تمثل الهوية المصرية الأصلية.
و بما أن :
النسبة الأكبر من تعداد سكان مصر تتمثل في قطاع الشباب ، و الذي بدوره في أشد الحاجة لانتشاله من براثن المخدرات التي باتت في المتناول أسهل من الغذاء و الدواء ،
فهؤلاء الشباب الذين هم عصب قوة مصر البشرية و حملة رايات مستقبلها ، في حاجة لعملية إفاقة من هذا الثبات العميق الذي كان يغط بمثله من قبل شباب دولة مثل الصين ،
فهذا الشاب الذي إن استفاق و تأهل و تم الدفع به في سوق العمل و شارك بدفع عجلة الإنتاج التي تحتاج لكافة الأيادي ، ستكون بادرة الخير و الخطوة الصحيحة علي طريق مستقبل مصر الجديدة التي نحلم بها .
نهاية:
أتمني من كل قلبي أن يكون هذا المشروع القومي الهام جداً ، خالياً تماماً من عبث أيادي الفاسدين ، الذين لا يرجون خيراً لهذا البلد إن تعارضت و منافعهم التي لا تكتفي ولا تقنع ، هؤلاء الذين يعملون جاهدين لتصدر أية مشهد للإستفادة القصوي ، مصدرين مزيداً من الإحباط لمن يقف خلفهم من همم قد لا تجد متنفساً لإخراجها ، لطالما ظل هؤلاء بمقدمة الصفوف لحجب آشعة الأمل عمن سواهم دائماً و أبدا.
فليخلص الجميع نواياه و ليتق الله بوطنه و ليترك الفرصة لهذه البداية الطيبة أن تكون بادرة الخير و أولي المنجيات لمصر و المصريين.