تعتبر الصناعة المحلية في مصر أحد أهم العوامل الاقتصادية التي يمكن أن تدفع عجلة التنمية المستدامة وتُخفف من الأعباء الكبيرة التي تُثقل كاهل الموازنة العامة بسبب الواردات. يبلغ إجمالي الواردات المصرية حوالي 80 مليار دولار سنويًا، وفقًا لبيانات موازنة 2023/2024، وهو ما يُشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني، خاصة مع ضعف العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع عالميًا.
أهمية الصناعة المحلية بالأرقام:
الصناعة تُساهم بحوالي 22% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، ولكن بالنظر إلى حجم الاقتصاد المصري وما يواجهه من تحديات، هناك فجوة كبيرة بين ما يمكن للصناعة أن تُقدمه وما يتم تحقيقه بالفعل. الصناعات الصغيرة والمتوسطة، على وجه التحديد، تمتلك القدرة على سد هذه الفجوة إذا تم دعمها بشكل فعال.
وفقًا لبيانات وزارة التجارة والصناعة، يُمكن للصناعات المحلية الصغيرة والمتوسطة أن تُسهم بزيادة تصل إلى 15% في الإنتاجية إذا تم تحسين التكنولوجيا الصناعية وتوفير التمويل اللازم. فالصناعة المصرية لديها القدرة على تقليل الاعتماد على الواردات بشكل كبير، مما سيُخفف من الضغط على الموازنة العامة ويوفر فرص عمل جديدة.
الواردات وتأثيرها السلبي على الموازنة:
من البنود التي تُثقل الواردات المصرية رغم أنها تُعتبر صغيرة نسبيًا:
1.مستلزمات التصنيع البسيطة مثل البراغي والمسامير: مصر تستورد براغي ومسامير وغيرها من المواد الصغيرة بحوالي 100 مليون دولار سنويًا. هذه المواد يمكن تصنيعها محليًا بسهولة من خلال الاستثمار في خطوط إنتاج صغيرة مخصصة لهذه الصناعات، مما يُسهم في تقليل هذا الإنفاق مع العلم وبالرغم من افتتاح بعض المصانع الاوليه فى مصر لانتاج المسامير ولكن يبقا الاحتياج اكتر بكثير من الكميه المنتجه
2.ورق التغليف والعبوات: تستورد مصر كميات ضخمة من ورق التغليف والعبوات البلاستيكية بحوالي 300 مليون دولار سنويًا، رغم توافر المواد الخام المحلية.
مبادرات حكومية لدعم الصناعة المحلية:
في الأشهر الأخيرة، قامت الحكومة المصرية باتخاذ خطوات هامة لتعزيز القطاع الصناعي، من خلال تقديم حوافز ضريبية وإعفاءات تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية على المصنعين وتحفيز الاستثمارات في الصناعة.
1.الإعفاءات الضريبية على المصانع الجديدة: في شهر سبتمبر 2024، تم الإعلان عن إعفاءات ضريبية لمدة 5 سنوات على المصانع الجديدة في القطاعات الاستراتيجية. الهدف من هذه المبادرة هو تشجيع الاستثمار في الصناعات التي تعتمد عليها الدولة لتقليل الفجوة بين الإنتاج المحلي والواردات. هذه المبادرة تتوقع أن تُحفز الاستثمار بما يصل إلى 30 مليار جنيه في القطاعات الصناعية الأساسية مثل التصنيع الغذائي ومواد البناء.
2.تخفيض الضرائب على أرباح المشروعات الصناعية القائمة: تم إقرار تخفيض في الضرائب على الأرباح للشركات الصناعية بنسبة 50% للشركات التي تقوم بتوسعات في خطوط الإنتاج أو تضيف منتجات جديدة إلى السوق المحلي. هذه الخطوة تهدف إلى دعم الصناعات المحلية وزيادة التنافسية في السوق العالمي.
3.برنامج دعم الطاقة للقطاع الصناعي: في أغسطس 2024، تم الإعلان عن برنامج جديد لدعم الطاقة الموجه للقطاع الصناعي. ويشمل هذا البرنامج تخفيضات على تكاليف الطاقة المستخدمة في المصانع بنسبة 15% لمدة عامين، مما يُسهم في تقليل التكاليف التشغيلية وزيادة القدرة التنافسية للصناعات المصرية في مواجهة المنتجات المستوردة.
أمثلة على النجاح المحلي:
من الأمثلة الواقعية على نجاح التصنيع المحلي:
•صناعة السيارات الكهربائية: قامت مصر مؤخرًا بالبدء في تصنيع السيارات الكهربائية المحلية بالتعاون مع شركات صينية، وهو مشروع يتوقع أن يوفر على البلاد استيراد سيارات بقيمة 1.2 مليار دولار سنويًا.
•تصنيع معدات زراعية: مصر بدأت في تصنيع المعدات الزراعية محليًا مما قلل الحاجة لاستيرادها بتكلفة بلغت 400 مليون دولار سنويًا. هذه المعدات تُستخدم في تطوير الزراعة المحلية، وهو قطاع حيوي يعتمد عليه الاقتصاد المصري.
التحديات التي تواجه الصناعة المحلية:
رغم المبادرات الحكومية، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه القطاع الصناعي، من بينها:
- نقص التكنولوجيا الحديثة: رغم الجهود الحكومية، تحتاج مصر إلى مزيد من الاستثمارات في التكنولوجيا الصناعية لتحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف.
- رتفاع تكلفة المواد الخام: ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة يؤثر سلباً على قدرة الصناعة المحلية على
المنافسة، وهو ما يستلزم تطوير استراتيجيات لتأمين المواد الخام محليًا.
- تكلفة التصنيع: أحيانًا بيكون استيراد المنتجات الجاهزة أرخص من تصنيعها محليًا بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي في بعض القطاعات. ده ممكن يكون مرتبط بارتفاع تكلفة الطاقة أو العمالة أو حتى صيانة المعدات الصناعية.
التصنيع لتعزيز التصدير وزيادة النقد الأجنبي:
بالإضافة إلى تقليل الواردات، تطوير الصناعة المحلية يُعد أساسيًا لتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية. من خلال تحسين الجودة والابتكار، يمكن للصناعة المصرية أن تخترق أسواقًا جديدة، خصوصًا في إفريقيا وأوروبا وآسيا. زيادة الصادرات تعني تدفقًا أكبر للنقد الأجنبي، مما يخفف الضغط على الجنيه المصري ويعزز استقرار الاقتصاد.