أكرم القصاص

توثيق أكتوبر.. السادات والجبهة والمجتمع

السبت، 12 أكتوبر 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ما زلنا فى شهر أكتوبر، وبالرغم من مرور 51 عاما على حرب أكتوبر، ما زلنا بحاجة إلى توثيق التفاصيل، ليس فقط لتصحيح بعض المفاهيم، لكن أيضا لبناء تصور حقيقى يمكن من خلاله الحكم على المراحل والأشخاص والخطوات والقرارات التى ارتبطت بهذه المرحلة أو تلك.

والأهم هو تقديم الحقيقة دون تهوين أو تهويل، والقدرة على قراءتها وفرزها، خاصة أن الكثير مما تم تسجيله حول الحرب حمل الأحكام السياسية، وعكس مواقف شخصية ولم يصل إلى أن يكون مادة خام يتم العمل عليها وتحليلها، وقراءتها، لأننا حتى ونحن نتابع تفاصيل أحداث قريبة معاصرة، نجد أنفسنا أمام قصص من طرف واحد، وأكاذيب تتحول إلى قصص مروية، تخضع للجدل بينما هو مجرد كلام فارغ.

البطولة فى الحرب كانت للشعب وقواته المسلحة، الشعب الذى صمد وتمسك وضحى، والقوات المسلحة من الشباب المتعلم الحالم، والذى حرص على تحقيق الانتصار، واسترداد الكرامة، وأمسك النار بيديه، وعانقها بجسده.

فى السينما العالمية هناك مئات الأفلام عن الحرب العالمية الأولى والثانية، وبعضها يدور فى فترات زمنية، يرصد ويخلد معارك أو عمليات محددة، بعضها يمثل توثيقا لمعارك حاسمة، ومنها أعمال عن أفراد وبطولات محددة، مثل مدافع نافرون أو Enemy at the Gates عن معركة ستالينجراد للسوفيت، وتدور حول قصة القناص الروسى «فاسيلى» الأسطورة، ومن دون مبالغة لدينا بطولات تنافس - فى إنسانيتها وقوتها - الكثير مما ورد فى الحروب العالمية، وتكفى قصص عبدالعاطى صائد الدبابات، أو الرفاعى، أسطورة الصاعقة قاما بأعمال بطولية أسطورية، سمعنا وقرأنا عنها، ويفترض أن تجد مكانها لتوثيق هذه القصص.

بل إن بعض الوثائقيات التى تمت أو بعض الهواة والمدعين يقدمون صورا ناقصة ويخلطون المعلومات والتواريخ، للبرهنة على أدوار لم تكن موجودة، على حساب أبطال القصة، ونحن بحاجة إلى تفكير فى سلسلة أفلام وثائقية تعيد تقديم الحكاية، وقد مرت سنوات على الأحداث تسهل التعامل معها بشكل أكثر عمقا، حتى لا تظل الساحة فارغة لأطراف أخرى تفرض وجهة نظرها، أو تكتب التاريخ بشكل مشوه، مثلما هو حادث الآن.

بشكل عام، نحن نعانى من نقص شديد فى الأفلام والمواد الوثائقية، فى وقت تتضاعف فيه المواد المرئية على شبكة الإنترنت وبعضها ناقص، أو يستند إلى مصادر أجنبية مزورة، أو ناقصة، والقليل جدا منها إنتاج محلى، وبالتالى ببساطة نترك للآخرين حق كتابة وصياغة تاريخنا، بينما يفترض أن نبذل جهدا أكبر فى رواية القصة كما حدثت، بعيدا عن تشوهات وتداخلات أفسدتها طوال عقود، بسبب الانحيازات السياسية.

والهدف بجانب أنه يقدم القصة من وجهات نظر أبطالها، فهو أيضا يقدم، ويجب أن يقدم تحليلا للكثير من التفسيرات أو الكتابات التى تناولت هذه المراحل، وخلت أحيانا من الموضوعية، سعيا إلى انتقام أو انتقاص من دور القيادات، وأيضا محاكمة كل وقت بظروفه، وإمكاناته وتوازناته، حيث لم تكن الحرب سهلة فى ظل استقطاب دولى ودعم أمريكى كامل، وشكوك تحيط بكل التفاصيل. وأيضا ارتباط هذه المرحلة بتحولات إقليمية، ودولية، وما طرأ على المجتمع من تحولات محلية عنيفة غيرت شكلا وموضوعا من تركيبة الجو العام.

الذين عاصروا نصر أكتوبر والأجواء التى سبقته ورافقته، تمكنهم رؤية حجم التغيير الذى طرأ على المجتمع الذى كان أكثر بساطة وشعورا بالمسؤولية، وإن كان واجه تحولات إقليمية ودولية وقفزات فى أسعار الطاقة، نقلت نفوذ المال إلى مراكز مختلفة، حيث لعب البترول دورا فارقا، وأثر فى سياقات اقتصادية واجتماعية غيرت الكثير من الثوابت المستقرة ورسمت طرقا متنوعة لتوجهات الدولة والمجتمع.

كل هذا بحاجة لدراسة ورصد وتوثيق، يحمى الذاكرة ويضع الأمور فى سياق الواقع.


 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة