توصل فريق من العلماء الإسبان إلى بعض الاستنتاجات المهمة حول قضية موت الأطفال حديثي الولادة بأعداد كبيرة على شبه الجزيرة الأيبيرية منذ أكثر من 2000 عام. .
ينتمي الأطفال المذكورون إلى ما يطلق عليه علماء الآثار الثقافة الأيبيرية، حيث عاش أهل هذه الثقافة في المناطق الساحلية الشرقية والجنوبية لشبه الجزيرة الأيبيرية خلال العصر الحديدي ، الذي استمر من القرن الثامن إلى القرن الأول قبل الميلاد.
كان الإيبيريون يحرقون جثث موتاهم عادة ، ويخزنون بقاياها في جرار ثم يدفنونها في مقبرة. ولكن من الغريب أن علماء الآثار اكتشفوا مقابر العديد من الأطفال حديثي الولادة الإيبيريين الذين لم يحرقوا جثثهم، بالإضافة إلى ذلك، لم تُدفن هذه الهياكل العظمية الصغيرة في مقابر عادية، بل في مناطق تم فيها بناء المنازل ومرافق الإنتاج.
وبسبب الطبيعة غير العادية لهذه النتائج، دارت مناقشات حول أهميتها ومعناها. وقد اقترح البعض أن الأطفال حديثي الولادة ربما كانوا ضحايا لقتل أطفال رضع أو استخدموا لأغراض التضحية، وهو ما قد يفسر سبب دفنهم في مواقع غير تقليدية، ونظراً لمرور الزمن الطويل، واجه الباحثون صعوبات في محاولة العثور على أدلة من شأنها حل هذا اللغز. وقد نجحت الدراسة التي أجراها الباحثون الإسبان مؤخراً في معالجة هذه المشكلة بطريقة مبتكرة للغاية.
وللتحقق من الاحتمالات المختلفة، أجرى باحثو جامعة ألاباما في برمنغهام وجامعة فيك-يو سي سي فحصًا موسعًا لأسنان 45 هيكلًا عظميًا لرضيع تم استخراجها من مواقع أثرية تعود إلى العصر الحديدي في كاتالونيا .
واستخدموا تكنولوجيا متقدمة (المجهر الضوئي وغمر الضوء السنكروتروني) لإجراء هذه الدراسة، من أجل تحديد اللحظات الدقيقة التي ولد فيها هؤلاء الرضع ومتى ماتوا، وفقا لما ذكره موقع ancient orgnins.
وفي مقال جديد نُشر في مجلة العلوم الأثرية ، شرح الباحثون نتائج دراستهم، التي قدمت أدلة قوية على أن الأطفال ماتوا جميعًا لأسباب طبيعية، وكان معدل وفيات الرضع مرتفعًا في شبه الجزيرة الأيبيرية في العصر الحديدي، لكنه كان مرتبطًا بشكل مباشر بالمخاطر الطبيعية للولادة وليس بالأعمال العنيفة المتعمدة التي ارتكبت لأي سبب.
وباستخدام المجهر الضوئي، أجرى الباحثون تحليلاً كيميائياً ونسيجياً شاملاً للأسنان اللبنية للأطفال (ما يسمى بأسنان الحليب). وحددوا خطوط النمو على تيجان الأسنان، بما في ذلك الخط الوليدي الذي لا ينتج إلا في لحظة الولادة، والخطوط الأخرى التي تنتج مع استمرار نمو المولود الجديد.
وباستخدام هذه البيانات، تمكنوا من تحديد ما إذا كان المولود المتوفى قد ولد حياً أم لا، وإذا كان الأمر كذلك، فكم من الوقت قبل حدوث الوفاة.
وأوضحت الدراسة، أن مات جميع هؤلاء الأطفال تقريباً في لحظة الولادة، وقال المؤلف المشارك في الدراسة زافييه جوردانا، أستاذ مشارك في قسم الأحياء الحيوانية والنباتية والبيئة في الجامعة المستقلة في برشلونة، في بيان صحفي لجامعة برشلونة المستقلة في برمنجهام: "تعزز هذه البيانات الفرضية القائلة بأن غالبية الوفيات حول الولادة ناجمة عن عوامل طبيعية، مثل مضاعفات الولادة أو المشاكل الصحية المرتبطة بالولادة المبكرة، وليس بسبب الممارسات الثقافية مثل قتل الأطفال أو التضحية الطقسية، كما اقترحت بعض الفرضيات " .
وقال الباحث في جامعة ألاباما برمنغهام والمؤلف المشارك في الدراسة أسومبسيو مالجوسا: "في المواقع التي تمت دراستها، لم يتم تحديد دفن أي رضيع بعد شهرين من ولادته. وهذا يقودنا إلى الاعتقاد بأن ذلك ربما كان بسبب ممارسة ثقافية تتمثل في دفن الرضع الذين ماتوا في المراحل المبكرة من حياتهم في أماكن منزلية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة