كان رفاعة الطهطاوى أصغر طالب فى بعثة محمد على العلمية إلى باريس، لقب الطهطاوى الذى تمر اليوم ذكرى ميلاده الـ 223، إذ ولد فى 15 أكتوبر عام 1801، بـ رائد التنوير فى العصر الحديث، وذلك لما أحدثه من أثر في تطور التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث، وقد اختير إماما مشرفا ومرافقا للبعثة العلمية الأولى التي أرسلها محمد علي باشا إلى فرنسا.
وكان من حُسن حظ رفاعة الطهطاوي أنه تتلمذ في الأزهر على يد الشيخ حسن العطار، فقد كان هذا الشيخ سابقا لعصره، طوف في الأرض، وسافر برا وبحرا، وزار الشام، ووصل فى تطوافه إلى الآستانة وأقام بها سنوات.
وبحسب كتاب "رفاعة الطهطاوي.. زعيم النهضة الفكرية في عصر محمد علي" للكاتب جمال الدين الشيال، فإن الشيخ حسن العطار، شيخ الأزهر الأسبق، في عهد الوالي محمد علي باشا، كان شخصية فذة، وقد أقبل عليه كثير الطلاب الذين يردون أن ينهلوا من علمه، وقربهم النوابغ منه وعلمهم كثير من علمه، حتي حين بدأ محمد علي نهضته واحتاج إلى بعض مشايخ الأزهر للتدريس في مدارسه الجديدة أو لتصحيح الكتب المترجمة، كان تلاميذ العطار أمثال: التونسي، والدسوقي، والطنطاوي، هم رجال العصر الجديد وبناة النهضة الحديثة التي أرادها الباشا.
ويوضح الكتاب سالف الذكر، أن الطهطاوي كان أقرب تلاميذ العطار وأحبهم إليه، وقد فرح الشيخ العطار بنبوغ تلميذه في التدريس بعد تخرجه فشمله برعايته وحُسن توجيهه، زلما طلب منه محمد علي أن يختار له إمامًا لإحدى فرق الجيش الجديد، أسرع فرشح إليه رفاعة الطهطاوي لهذا المنصب، وعين الشيخ رفاعة في سنة 1824م واعظًا وإمامًا في آلاي حسن بك المناسترلي، ثم انتقل إلى آلاي أحمد بك المنكلي، وفي سنة 1826م، أُوفدت أول بعثة كبيرة إلى فرنسا، وهنا أيضًا طلب محمد علي من العطار أن ينتخب من علماء الأزهر إماما للبعثة يرى فيه الأهلية واللياقة، فاختار الشيخ رِفاعة لتلك الوظيفة.
ويشير الكاتب سعيد الشحات إلى أن الشيخ عبد المتعال الصعيدى ذكر فى كتابه "تاريخ الإصلاح فى الأزهر" أنها حينما جاء وقت سفر رفاعة الطهطاوى ذهب إليه أستاذه حسن العطار، ليزوده بنصائحه وإرشاداته، فنصحه بأن يقوم بتدوين كل ما يراه فى تلك البلاد العجيبة، ويعنى بدراسة العلوم التى نبغوا فيها، وكانت سبب قوتهم ونهضتهم، ليقوموا بنقلها إلى اللغة العربية فيستفيد أهلها منها، ونهضوا بها كما نهض أهل أوروبا.. وبالفعل نفذ الطهطاوى نصيحة أستاذه، فكتب "تخليص الإبريز فى تلخيص باريز".