حنان يوسف

التوثيق ذاكرة للأمة وهوية للإنسان

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هناك رأي يقول أن الوثيقة هي نصف الحقيقة دلالة على أهمية التوثيق في مجالات الحياة، وأضيف على تلك المقولة أن التوثيق في رأيي هو كل الحقيقة، حيث يعتبر التوثيق من أهم أدوات القوة الناعمة للفرد والمجتمع من خلال دوره في امتلاك المعرفة وحماية الهوية والحفاظ على منجزات الإنسان، وكطريقة نحو العبور  للمستقبل، واتخاذ القرارات، وإدارة الأزمات من خلال امتلاك قواعد للمعلومات وفهم التركة والأشياء المشتركة بين البشر، وتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات وتقدير جهد الأفراد بحجمها الحقيقي.

فالتوثيق هو الركيزة الحقيقة التي يعتمد عليها الباحثون في البحث عن الحقيقة وذاكرة الأمة اليقظة التي لا يدركها النسيان ويعتبر حلقة وصل متينة تصل حاضر الأمة بماضيها، وشاهد حي على نضال الأفراد والجماعات والمنظمات والحكومات والدول التي تعاقبت منذ فجر التاريخ.

ونعرف به مدى التطور الذي حصل في المجتمع في جميع مفاصل حركته في ذلك الزمن الماضي، والتوثيق من فائدته أنه يسهل تنفيذ الأنشطة وينبه إلى أهمية الأمر ويركز عليه لأنه يوفر المعلومات المناسبة للمستفيد منه، فتتكون عنده سرعة الإحاطة بالمعلومات لتقديمها بأكثر الأشكال ملاءمة، فهو يحفظ الأحداث التاريخية والمعلومات العلمية ونقلها من الماضي إلى الحاضر ثم إلى المستقبل، وإلى الأشخاص الذين يمكنهم الاستفادة منها، وينطبق هذا على التناقل الشفاهي للمعلومات والمعارف والمهارات.

فهو علم السيطرة على المعلومات التي يمكن أن تتضمن الوثيقة والكتاب والصورة والتسجيلات الصوتية والفيديوية والنصوص الإلكترونية و العمليات الفنية التقليدية كالتجميع والاختزان والفهرسة والتصنيف.


والتوثيق يحتاج إلى مهارة لإتمامه وتحويله إلى معلومات ومعرفة يتم الاستفادة منها في التخطيط للمستقبل.

وهو ما يتطلب إدارة واعية للتوثيق المعلوماتي بمعايير معتمدة، فالتوثيق يعطي معيارية محددة  لدعم الأمن الذكي والأمن الناعم وله أهمية في إدارة العقل العربي، حيث إن المعلومات التوثيقية هي سيدة المعرفة فالتوثيق يقدم الإجابة لكل التساؤلات والتخطيط.

فأمة بلا توثيق أمة بلا معرفة وبلا هوية، ومن هنا يأتي أهمية إنشاء قواعد البيانات التوثيقية لتقديم الإنجازات من خلال عناصر :كيف ولماذا واين وكيف.. كنموذج معرفي للتوثيق.


فالمعرفة تؤدي إلى الإدراك ثم الوعي.

وقديما قال أرسطو: المقدرة على نقل المعلومات هي علامة على التفوق كما أن التوثيق أداة من أدوات فهم الأخر والإعتماد على التوثيق هو سلاح الإنسان اليوم للتحضر وبناء المستقبل.

فالوثيقة نصف الحقيقة وهي الذاكرة التاريخية للإنسان وشاهد  على الإنجازات الإنسانية والبشرية ويساعد علي التقييم وكشف الأخطاء في العمل.

ويرتبط التوثيق بإدارة العقل الانساني في المقام الأول، وهنا يجب نزع عن التوثيق ربطه بالمخطوطات فقط، فهو ضرورة لكل من يحتاج أن يحفظ هويته وتاريخه ولو حتى على المستوى الشخصي.


وتأتي من هنا الدعوة إلى إنشاء مراكز دراسات للتوثيق والتدريب عليه.

فالتوثيق ليس عملا مخزنيا ولابد أن نذهب للتحليل والاستفادة من المعرفة والا يكون الامر مجرد عبث.

فالذي يقود العالم هو المعرفة وليس المعلومات ولابد أن تتحول المعلومات الي معرفة توثيقية، فامتلاك المعلومات لا يعني امتلاك المعرفة.

والعالم يرزح تحت وطأة مسلمات خاطئة، ويجب إعادة ضبط البوصلة فيما يخص هذه المسلمات التي علاجها يكون من خلال التوثيق الجيد، ويصبح التحدي الحقيقي هو في أنسنة علم التوثيق وجعله أسلوب حياة لكل إنسان في حماية الهوية والمنجزات الإنسانية.. وهنا يأتي أهمية التداخل ما بين علوم الإعلام والاتصال والتوثيق في طرق المعيارية والأدوات المستخدمة.


فالتوثيق يحتاج إلى نوعية خاصة من الكفاءات ذوي مهارات وثقافة ورؤية وفهم استراتيجي لطبيعة مهمة التوثيق بأنها ليست عمل تخزين أرشيفي وإنما لابد أن يتخطى بفهم مرحلة جمع المعلومات إلى تحليلها، ثم إدارتها بالشكل الذي يضمن تحقيق المعرفة والتي هي طريق الإدراك للوعي الصحيح الذي هو مفتاح بناء الامم ونهضتها.


وختاما نقول: من يملك القدرة علي توثيق معلوماته هو الذي يملك القدرة علي حماية هويته ومنجزاته ومستقبله، فأنت بلا توثيق، تعتبر بلا معرفة أو هوية، فالتوثيق الصحيح يعني قوةً امتلاك المعرفة التي هي الثروة الحقيقية الآن والسلاح الأقوى في حروب المعلومات الحالية، وهو ما يدعو إلى أن نجعل التوثيق أسلوب حياة لكي نحافظ علي إنجازاتنا ونساعد في بناء الوطن الغالي










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة