سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15 أكتوبر 1972 الدكتور ثروت عكاشة يخاطب مستشار الأمن القومى عن سبب منع موسوعته «تاريخ الفن».. ويؤكد أن السادات كان وراء القرار

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15 أكتوبر 1972 الدكتور ثروت عكاشة يخاطب مستشار الأمن القومى عن سبب منع موسوعته «تاريخ الفن».. ويؤكد أن السادات كان وراء القرار ثروت عكاشة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

التقى الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى مكتبه بالأهرام بالدكتور ثروت عكاشة، وقال له إن تعليمات صدرت إليه بوصفه مشرفا على «دار المعارف» بالتوقف عن نشر بقية أجزاء موسوعة تاريخ الفن «العين تسمع والأذن ترى»، والتى تعاقد عكاشة مع الدار على نشرها عام 1965، وكان رئيسا للبنك الأهلى، وصدر جزءان منها، حسبما يذكر عكاشة فى الجزء الثانى من مذكراته «مذكراتى فى السياسة والثقافة».

لم يكن «عكاشة» فى منصب رسمى وقتئذ بعد سنوات قضاها كأول وزير للثقافة باختيار من جمال عبدالناصر عام 1958، وفى نوفمبر 1970 استغنى عنه السادات، وأدمج الثقافة مع الإعلام فى وزارة واحدة تولاها عبدالقادر حاتم، وعين «عكاشة» مساعدا لرئيس الجمهورية، ثم فوجئ بخبر إعفائه فى الصحف وبدأت مضايقاته التى يكشف عنها فى مذكراته، ومنها محاولة منع طبع موسوعة تاريخ الفن.

يكشف «عكاشة» أن هيكل ألمح له بأن التعليمات بعدم طبع الموسوعة ليست صادرة من مسؤول كبير فى الثقافة والإعلام، ففهم أن المعنى هو رئيس الجمهورية بذاته، وفى تأكيده لهذا الظن يذكر عكاشة أن صديقه الفريق محمد أحمد صادق وزير الحربية، وقتئذ، كشف له أنه فى جلسة له مع السادات سمعه يتشدق بأنه منع دار المعارف من الاستمرار فى نشر الأجزاء المتبقية من موسوعة تاريخ الفن بحجة أن المخازن مكتظة بالجزءين الأولين، وأن أرباحى السنوية منهما بلغت سبعة آلاف جنيه.

يذكر «عكاشة»، أنه حزن لنزول رئيس الجمهورية إلى هذا المستوى، ويضيف: «رأيت لزاما أن أدحض هذه الفرية، وشرحت للفريق صادق الأمر لينقله إلى السادات، وأوضحت له أن هذا النوع من الكتب الموسوعية يحتاج عادة إلى بضع سنين بين الخمسة والعشرة لكى ينفذ، بل إن ثمنه قد يرتفع مع مرور الأعوام، كما أنه لم يصدر من هذه الموسوعة التى تزيد على 12 جزءا غير مجلدة فى تاريخ الفن المصرى، عمارة ونحتا وتصويرا، وأن المبلغ الإجمالى الذى تقاضيته من دار المعارف بعد التوزيع هو ألف وخمسمائة وخمسين جنيها لم يخصم عليها ضرائب من المنبع، بما يعنى رواج الكتاب وأنه غير مكدس فى المخازن، وأن هذه الموسوعة مدعومة من منظمة اليونسكو التى تكفلت بطبع الصور الملونة حتى تهبط بسعر الكتاب، وليس معقولا أن تقدم على هذه الرعاية إلا وهى موقنة بأهميتها وقيمتها.   

يكشف «عكاشة»، أنه سافر بيروت ومعه جزءان آخران من الموسوعة أعدهما للطبع، وهناك قبل عرض الدكتور عبدالوهاب الكيالى مدير المؤسسة العربية للدراسات والنشر بطبع بقية أجزاء الموسوعة كلها، لكن بعد شهر وقعت مفاجأة وهى أن وفدا من معارف الدكتور الكيالى توجهوا إليه مدعين أنهم موفدون من سلطات المصرية لم يكشفوا عنها، ونصحوه بالتراجع عن تنفيذ العقد المبرم وإلا تعرض لمصادرة مطبوعاته فى مصر، وكذلك سيتعرض لإحجام المثقفين المصريين عن تقدم مؤلفاتهم إليه تحت ضغط من السلطات، ويذكر أنه أحل الناشر من الاتفاق معه حفاظا على مصالحه، وكتب خطابا إلى حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومى ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية فى 15 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1972 سرد فيه تفاصيل ما جرى.

وقال «عكاشة» فى خطابه: تعلمون سيادتكم أنى بدأت من عام 1962 فى تأليف موسوعة عن تاريخ الفن عبر العصور «تصوير، عمارة، نحت، موسيقى، دراما، الفكر الأسطورى»، وانتهيت من تأليف الأجزاء الثلاثة الأولى عام 1966 وسلمتها لدار المعارف التى أصدرت منها جزءين، وسيصدر الجزء الثالث عما قريب، ولظروف تعلمونها وأوضحتها لسيادتكم من قبل اعتذرت عن استكمال طباعة باقى الأجزاء، وتم التعاقد بيننا بالفعل غير أن الناشر أبلغنى فى أواخر يوليو أن وفدا من معارفه اللبنانيين توجهوا إليه مدَعين أنهم موفدون من جهات حكومية لم يكشفوا عنها، ناصحين إياه بأن يتراجع عن تنفيذ العقد وإلا تعرض لمصادرة مطبوعاته فى مصر لإحجام المثقفين المصريين عن تقديم مؤلفاتهم إليه تحت ضغط من السلطات المصرية، وبدا لى أن الناشر انزعج وطلب منى أن أكشف له عن حقيقة الأمر حتى لا يتعرض لمخاطر، وفى اعتقادى أن هؤلاء المجهولين الذين يدعون تمثيل جهات مجهولة، إنما هم جماعة يصطادون فى الماء العكر، ولكن ليطمئن قلبى، ولأستطيع تبديد مخاوف الناشر الذى لا ذنب له، أرجو من سيادتكم بإفادى بحقيقة الأمر».

تلقى «عكاشة» الرد من حافظ إسماعيل يوم 17 أكتوبر 1972 وقال فيه: «إيماء إلى كتابكم بتاريخ 15 أكتوبر 1972، أتشرف بالإحاطة أن التعاقد الذى تم بينكم وبين أحد الناشرين فى لبنان حول مؤلفكم عن تاريخ الفن عبر العصور، يعتبر من وجهة نظرنا عملا تجاريا خالصا، لكم حق ممارسته بحرية تامة»، وأرسل «عكاشة» صورة من رد حافظ إسماعيل إلى الكيالى فى بيروت ليكون سلاحا معه لو حاول أحد ابتزازه، وأصدر بعدها ثلاثة أجزاء من الموسوعة.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة