علاقة رفاعة الطهطاوى بالسلطة.. مدح محمد على وسعيد باشا وعباس أبعده

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024 05:30 م
علاقة رفاعة الطهطاوى بالسلطة.. مدح محمد على وسعيد باشا وعباس أبعده رفاعة الطهطاوي
محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا شك أن العلاقة بين المثقف والسلطة علاقة فيها كثير من الملابسات، فهى علاقة تحكمها الكثير من الريبة والشك والتوجس، فى أوضاع كتلك، تتعمق وتتعزز سلطة المثقف وتزداد رقابته إزاء نفسه، وتنحسر استعداداته لحالات الضعف والمداهنة، خصوصا لما تريده السلطة من تبرير لخطابها ونهجها، وقد تكون علاقة جدلية مبنية على التحدى والنقد، أو أنه يتكيف مع الواقع ويتأقلم مع النظام ويتحول إلى بوق سياسى يدافع عما يراه مناسبا فى سياسات النظام.

ولعل الشيخ رفاعة الطهطاوى أحد كبار عصر النهضة المصرية، ورائد التنوير فى العصر الحديث، والذى تمر اليوم ذكرى ميلاده الـ223، واحد من القلائل الذى كان نموذجا للمثقف القادر التكيف مع واقع السلطة السياسية بما يناسب فكره وعلمه، ولم يتحول إلى بوق سياسى يدافع عن النظام مهما كانت أخطائه، وهو أيضا كلفه الكثير في حياته.

ويوضح الكاتب جمال الدين الشيال فى كتابه "رفاعة الطهطاوى.. زعيم النهضة الفكرية في عصر محمد علي" أن الشيخ رفاعة الطهطاوي بعد عودته إلى مصر لاحظ الجهود الجبارة التي بذلها محمد علي الكبير في إحياء مصر والنهضة بها حربيا وثقافيا واقتصاديا، وأعجبه من هذا البطل حبه للخير والإصلاح، فقال الشعر الكثير في مدحه والإشادة بفضله، ولعل عصر الباشا كان أكثر عصور الطهطاوي ازدهارا لما لاقاه من دعم لتحقيق كافة أفكاره ومشاريعه.

إلا أنه بعد تولي الوالي عباس الحكم بعد محمد علي باشا، أراد أن يعيد تشكيل رجال القصر والمقربون من الحاكم، فأبعد رفاعة الطهطاوي المقرب محمد علي باشا، وقرب إليه على باشا مبارك، وعينه ناظرًا لمدرسة المهندسخانة وعهد إليه بالإشراف على شئون التعليم، حتى تولى سعيد باشا الحكم، فأعاد الطهطاوي وقربه إليه، وأرسل علي مبارك ليكون قائدًا من قواد الحملة المصرية إلى القرم، وهنا بدأ رفاعة يرسم لنفسه الخطط ويعقد الآمال العريضة مرة أخرى، وقام بنظم القصائد الكثيرة يمدَح بها سعيد باشا ويُشيد بصفاته وعهده، غير أن الوالي سعيد لم يلبث أن أصدر أوامره في 10 ربيع الأول سنة 1271هـ بإلغاء ديوان المدارس وتصفية حساباته.

تقرب رفاعة الطهطاوي من محمد علي باشا ومن بعده سعيد باشا، لم يشفع له الحصول الألقاب المدنية المعروفة وقتها والترقي في السلم الاجتماعي مثل ما حدث مع علي باشا مبارك، ورغم أنه دائم العمل، دائِب النشاط، واسع العلم، وافر الذكاء، كثير الإنتاج، إلا أنه مع ذلك لم يُمنح في حياته لقب "الباشوية" ولم يصِل إلى مرتبة "النظارة"، وهذا أمر يبدو غريبًا، وبرر المؤرخ عبد الرحمن الرافعي، ذلك بأن رفاعة الطهطاوي على الرغم من مدحه الحكام، لكنه كان مقتنعا بما يقدموه من مشاريع تخدم النهضة الفكرية، بما ولدى رفاعة شمم وإباء وشهامة، فهو يقول: "ولا يمكن تعليل كل ذلك من ناحية الكفاءة والجدارة؛ فإن كفاءة رِفاعة بك كانت منقطعة النظير، وجدارته معترف بها من الجميع، فبقاؤه في "نظارة قلم الترجمة" وعدم بلوغه مرتبة الوزارة، وهي النهاية التي يتطلّع إليها من ينتظمون في سلك المناصب الحكومية، لا بد أن يكون ذلك راجعا إلى ما اتصف به رفاعة من الشمم والإباء؛ فإن هذه الصفات على كونها من أسمى الفضائل ليست محببة إلى الرؤساء وولاة الأمر، ولا ترغبهم كثيرا في أصحابها، ولا تميل بهم إلى إسناد المناصب الرفيعة إليهم".







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة