فى المكان والزمان، تأتى الاحتفالات بالذكرى 51 لانتصارات أكتوبر، فى وقت صعب، يواجه فيه الإقليم كله خطر حرب شاملة، بجانب ما واجهه الإقليم وما زال من اختلالات وصراعات أطاحت بالاستقرار فى دول عربية، ولا تزال ليبيا وسوريا واليمن تعانى من تأثيرات وانعكاسات الحروب الداخلية، وتتعرض غزة لحرب مستمرة طوال أكثر من عام، تتضمن حرب إبادة لأكثر من نصف غزة، وأسقطت ما يقارب 50 ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى، وفتح جبهة مع حزب الله بجنوب لبنان، ومناوشات مع إيران، وهو ما يمثل تحولا فى شكل ومضمون الحروب الحديثة.
الشاهد أن الذكرى 51 لانتصارات أكتوبر تأتى وسط هذه النيران المشتعلة، لتشير إلى أهم دروس الصراع، أن تكون مستعدا بالإرادة والسلاح، والخطط، والحرب اختبار كبير، يجب أن يخضع للإرادة والعقل والاستعداد، ثم إن المواجهة العسكرية هى وسيلة ومدخل لتحقيق الأهداف، كانت بالنسبة لمصر استعادة الأرض المحتلة، والكرامة.
فى الذكرى الـ51 لانتصارات أكتوبر والعبور، تمتلك مصر القدرة والإمكانات التى تمكنها من حفظ التوازن، القوات المسلحة بقيت على العهد قوة رشيدة لحماية الأمن القومى فى كل وقت، ومثلما واجهت العدو فى سيناء وحطمت خط بارليف، فقد عادت إلى سيناء لتطهيرها من الإرهاب على مدى أكثر من 8 سنوات، وهو عدو يختلف عن العدو التقليدى، وقد تغيرت خطط القوات المسلحة فى مواجهة الإرهاب وهزيمته، هزم الإرهاب فى المنطقة عندما هزم فى مصر.
قبل أيام شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، فعاليات تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثانى الميدانى فى الإسماعيلية، ودوره فى العبور العظيم وأيضا فى مواجهة الإرهاب، وفى الندوة التثقيفية الـ40 للقوات المسلحة احتفالا بالنصر، حرص الرئيس السيسى على تقديم التحية إلى مجموعة من أبطال حرب أكتوبر، وشارك فى صورة تذكارية مع مجموعة من أبطال أكتوبر، كما تم تكريم عدد من أبطال العبور، من كل الأسلحة ممن كانوا قادة كتائب وفصائل، وطيارين وبحرية ودفاع جوى، ومشاة، وضباط ورقيب أول وجندى، كلهم كانت لهم بطولاتهم وأعمالهم البطولية فى حرب الاستنزاف أو العبور.
حرص الرئيس السيسى على التأكيد أن الانتصار العظيم تم بالجاهزية والإرادة، وأن امتلاك القدرة الشاملة يضمن إحلال السلام، لأن السلام يقوم على التوازن والاستعداد، وأشار الرئيس فى كلمته إلى أن من جرب الحرب هو من يعرف معنى السلام، وأن الجيش العظيم من أبناء الشعب المصرى كان دائما عند العهد، ولم يتأخر عن القيام بمهامه فى حفظ الأمن القومى والحدود على مدى عقود، وتمزج مصر بين امتلاك القدرات الأعلى فى التسليح والردع، مع التمسك بالسلام الذى يقوم على القوة والتوازن.
من اللافت للنظر فى الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، هو التركيز على بطولة الشعب المصرى ودوره فى صنع الانتصار فى العبور. وحرص الرئيس السيسى، على تقديم التحية للشعب المصرى الذى قدم كل الدعم لجيشه، فى الحرب وحتى الانتصار، وقدم التضحيات وتخلى عن الكثير من الضرورات من أجل دعم الجيش وتسليحه، وقال «إننا بتلاحمنا وإخلاصنا ووعينا قادرون على تجاوز الظروف الصعبة، وعبور أى تحديات، وأن مساعى مصر الدائمة للحفاظ على الأمن والاستقرار فى المنطقة تنبع من القدرة والقوة، وأنه رغم مرور 51 عاما ما زال نصر أكتوبر يفيض بالعبر والدروس والتجارب، التى نستلهم منها رؤيتنا لحاضرنا ومستقبلنا، وتؤكد لنا أن التخطيط العلمى والتنفيذ الدقيق والتكاتف أمام التحديات، هى السبيل المضمون لتحقيق الأهداف، وهذه رسالة متكررة من الشعب المصرى، على مدار السنوات، باختلاف الصعاب والتحديات».
وتطرق الرئيس السيسى، فى كلمته، إلى الحرب التى تدور لأكثر من عام، وأن هذه الحرب تمثل تحولا فى طول مدتها، وحجم الدعم الذى تحصل عليه إسرائيل، وقال الرئيس السيسى، إن نصر أكتوبر يحل علينا هذا العام فى ظل أحداث متلاحقة وأوضاع مضطربة، يشهدها محيطنا الإقليمى، تؤكد أن خيارنا للسلام العادل والمستدام يفرض علينا الاستمرار فى بناء قدرات القوة الشاملة، كونها السبيل الوحيد لصون وحماية السلام، وردع أى محاولة للتفكير فى الاعتداء عليه.
وأشار الرئيس السيسى، إلى مساعى مصر الدائمة للحفاظ على الأمن والاستقرار فى المنطقة، والتى تنبع من موقع القدرة والقوة، والقناعة بأن السلام العادل والشامل يجب أن يراعى حقوق الشعب الفلسطينى وفقا لقرارات الشرعية الدولية، والتخلى عن أوهام التوسع وسياسات العداء، لضمان التعايش السلمى بين شعوب المنطقة، وتجنيب الأجيال القادمة ويلات الصراع، مؤكدا أن إعطاء أمل للشعب الفلسطينى فى دولة مستقلة عاصمتها القدس سيكون له أثر كبير فى أن تعيش كل شعوب المنطقة بلا استثناء فى أمن وأمان وسلام.
وهى دروس الانتصار والعبور دائما.