في أزقة سوق السلاح بقلب القاهرة القديمة، بين شوارع مليئة بالتاريخ والذكريات، يبرز سبيل رقية دودو كواحد من أروع المعالم الأثرية التي تحمل في طياتها حكاية حب وأمل يتغلبان على الحزن، ليس مجرد سبيل ماء عادي، بل هو رمز حي لأم حوّلت ألم فقدان ابنتها إلى عمل خيري يخلد ذكراها، ليروي لنا قصة تاريخية مؤثرة.
تعود قصة السبيل إلى عام 1761م، عندما قامت السيدة بدوية شاهين، أرملة الأمير رضوان، ببنائه كصدقة جارية على روح ابنتها رقية التي فقدتها صغيرة بعد أن أودى بها الطاعون. في قلب حزنها العميق، اختارت بدوية تحويل هذا الألم إلى ذكرى خالدة، فشيدت مدفنًا في منطقة الإمام الشافعي وقررت أن تبني السبيل ليكون صدقة جارية تروي عطش الناس وتُخلد ذكرى ابنتها.
السبيل يتميز بطرازه المعماري الفريد وزخارفه الجميلة التي تجذب الأنظار وتأسر قلوب من يراه. وكأن كل حجر في السبيل يحكي قصة الأم بدوية شاهين التي جعلت من فقدانها الجلل عملاً يملأه الحب والحنان. ورغم مرور الزمن، لا يزال السبيل واقفًا، شاهداً على مدى قدرة الأمومة على تحويل الحزن إلى جمال خالد.
سبيل رقية دودو لم يكن مجرد مبنى، بل لوحة فنية تجسد قوة الحب والأمومة. في كل زاوية من زواياه يمكن للمارة الشعور بلمسة الأم التي أرادت لذكرى ابنتها أن تظل حية في قلوب الناس. وزواره اليوم، سواء من الباحثين أو محبي التراث، يجدون فيه أكثر من مجرد معلم أثري، بل مصدر إلهام وقصة عن الخير والحب العابر للزمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة