فى قلب القاهرة، مدينة الألف مئذنة، يقع مسجد خاير بك، أو كما أطلق عليه المصريون "مسجد خاين بك"، بُنى المسجد منذ أكثر من خمسة قرون فى منطقة باب الوزير، ورغم عمارته الفريدة، لم يُرفع فيه الأذان أبدًا ولم يدخله مصلون.
خاير بك، أحد أبرز أمراء المماليك الجراكسة وأول حاكم لمصر بعد سيطرة العثمانيين، كان معروفًا بخيانته خلال معركة مرج دابق. بعد أن نشر شائعات عن مقتل السلطان الغورى وهرب من ساحة المعركة، ساهم بشكل مباشر فى هزيمة الجيش المملوكي. علاقته بالعثمانيين كانت السبب فى كشف أسرار الدولة، ما أكسبه لقب "خائن بك" بين المصريين.
ورغم منصبه كحاكم، لم يحظى خاير بك بثقة المصريين ولا العثمانيين، ومعاناته من مرض شديد فى نهاية حياته دفعته إلى أعمال خيرية قبل وفاته. لكن التاريخ لم يغفر له، وبقيت سمعته السيئة متجسدة فى مسجده الذى لم يشهد أى صلاة حتى اليوم.
تصميم المسجد يبرز جمال العمارة الإسلامية القديمة، بقبة مزخرفة بالنقوش النباتية الدقيقة، إلا أن محاولات إحياء دوره الروحانى اصطدمت دائمًا بالرفض الشعبي. مسجد خاين بك، الذى يبدو هادئًا وغامضًا وسط الزحام، يظل شاهدًا على قصة خيانة تركت أثرها فى ذاكرة القاهرة حتى الآن.