امدني الراحل الكبير والناقد والمثقف الكبير سمير فريد بملف كامل عن ( أحداث حركة الاحتجاج على القانون 103 للنقابات الفنية) وهو ما أراه جديرا بالنشر كاملا بما يحويه من بيانات وعرائض قضائية وأخبار صحفية وصور فوتوغرافيه جديرة بالنشر لكونه إضاءة لصفحة مهمة من تاريخ المثقف والفنان المصري في دفاع عن مهنته وحرياته وكرامته وهو الأمر الذي يدفعنا إلى ضرورة التمسك بهذه الحقوق في زمن تدنت فيه مستويات الإبداع الحر والانشغال بقضايا الوطن والإنسان إلى مستويات غير مسبوقة وسادت للأسف فنون لا تغادر مجالات الترفيه والغرائبية إلا ما ندر وبشق الانفس، وبالاستعانة بتمويل خارجي غالبا ما يقيد حرية المبدع الشاب ويدفع به تلقائيا إلى ضرورة إرضاء الممول الذي لا تشغله في الحقيقة هموم الوطن ولا المواطن ..وقبل أن استكمل حكاية اعتصام الفنانين أشير إلى وثائق ثلاثة تضعنا في حالة أجواء الاعتصام الذي أعتقد أنه كان الأول في تاريخ الفنانين المصريين والذي اتضح فيما بعد انه كان بروفة لاعتصام أعظم في وزارة الثقافة المصرية انتهى بثورة 30 يونيو ضد نظام الإخوان البائس.
الزميلات والزملاء.. لقد أرادوا بالتعديلات الجديدة أن يثبتوا كراسيهم مدى الحياة على حساب حقوقنا وتتابع الأجيال ومصالحنا المهنية التي نطالب بالكثير من أجل وضع ضوابط لها طال اهدارها وخططوا ونفذوا في عجلة من أمرهم ومن ورا ظهورنا.
لقد عملوا في الظلام لكننا سنواجههم في النور بعد أن عرف الجميع حقيقة أمرهم وسنواجههم في ساحات القضاء وفي كافة القنوات المشروعة لنثبت لهم بطلان هذه التعديلات وسنغيرها بإرادتنا جميعا، لكي نحاول أن نغير من خلال نقاباتنا مستويات حياتنا وظروف عملنا ونحقق مسيرة الديمقراطية عملا لا قولا ونقضي على الترشيح مدى الحياة والكراسي الدائمة وكل ما يفسد روح نقاباتنا وحقوقنا المستقرة وما نأمل فيه ونحلم بهل لمستقبل الأجيال القادمة.
إن علينا أن تتصدى جميعا لهؤلاء الذين خانوا الأمانة وأهدروا حقوقنا ذلك أن القضية هي أن نكون أولا نكون… عن النقابات الثلاث الوفد الذي مثلهم لدى الجهات الرسمية : نقابة المهن التمثيلية جلال الشرقاوي سعد أردش تحية كاريكا سعاد حسني فاطمة مظهر محمد خيري محمد جبريل حسين عبد القادر نقابة المهن السينمائية : حسام الدين مصطفى وتوفيق صالح وعلي بدرخان ومحمد فاضل وأحمد الحريري ومجدي أحمد علي /نقابة المهن الموسيقية: محرم فؤاد وماهر العطار وسيد الملاح ومنير الوسيمي .
وفي الوثيقة الثانية التي كانت مساء الجمعة 31/7 لم يكن هناك جديد إلا بعض الأخبار السريعة المهمة
١-وصل السيد مساعد مدير الأمن ومعه مجموعة من مساعديه وأصروا على نقل السيدة تحية كاريوكا من غرفة النقيب التي تفترش ارضها وطلب منها ومن بقية السيدات مغادرة الغرفة لعقد اجتماع لمجلس إدارة النقابة بها ونظرا لحالتها المرضية الشديدة طلبنا منهم أن يجتمع المجلس بأي من غرف النقابة الأخرى وأصروا على تصعيد الموقف ولكننا حملناهم مسؤولية نقلها من الغرفة.
٢-ما زالت السيدة تحية كاريوكا مضربة عن الطعام وحالتها تزداد سوءا فاستدعينا طبيب الإسعاف الذي أودع تقريرا مفصلا بتدهور حالتها وأسبابه كما حضر لنا طبيب وطبيبة من جمعية الأطباء الشبان لمرافقتها دائما نظرا لتدهور حالتها.
٣-في المساء حضر أربعة من مباحث أمن الدولة بصالة النقابة وجاء النقيب وأعضاء مجلس النقابة وعقدوا اجتماعهم (غير الهام ) ضد إرادة جموع الفنانين بغرفة النقيب والسيدة تحية تفترش الأرض وحالتها تزداد سوءا خاصة مع الدخان المتصاعد من سجائرهم الذي يزيد متاعبها الصحية ومع تدهورها الشديد في هذا الجو الخانق اضطر الاستاذ علي حسن لاستدعاء الإسعاف (وهو ما نحييه عليه رغم عدم استقالته حتى الان) وتم انهاء الاجتماع ولم تتكرر المحاولة مرة أخرى
٤-أصر الاستاذ الفنان محمد توفيق على الاعتصام معنا لكننا نجحنا في إثناءه عن موقفه وهو نفس الموقف الذي وقفه الفنان عمار الشريعي ولهم مننا خالص التحية والتقدير … الله الوطن الديمقراطية /مقر الفنانون
المعتصمون بنقابة المهن سينمائية …وفي بيان بتاريخ 2/8/1987هناك عدة أخبار سريعة :
1-حضرإلينا الأستاذ الدكتور وزير الثقافة أحمد هيكل مع الوفد الذي ذهب إليه وقد حيا سيادته المعتصمين وأكد أنه معهم في قضيتهم كما أكد سيادته أن جميع المسؤولين يعرفون اليوم حقيقة ما جرى من ألاعيب وانتهاكات قانونية بل يعرفون ما وراء إصدار التعديلات التي فصلت لحساب الشخصين الذين لن يسعدنا ذكر اسميهما.
2-كما حضر إلينا السيد رئيس نيابات وسط لاستكمال التحقيق الذي بدأه بالأمس وكان الرجل ومن معه -للحق -آية في دماثة الخلق والتفهم لقضيتنا التي لا نتنازل عنها …4-تمكن السادة المحامون من إدراج طعننا على انتخابات رئيس الاتحاد بجلسة السبت 8/8وبالطبع ستكون جموع الفنانين هناك ليعلم كل المتلاعبين بالقانون أن قضيتنا العادلة حتما ستنتصر… الله الوطن الديمقراطية.
استمر اعتصام الفنانين المصريين من 7/30 حتى 8/8/1978واستمرت الأحداث الساخنة اليومية والندوات داخل مقر نقابة وازدادت إعداد الوافدين والراغبين في الانضمام إلى الاعتصام الذي لم نكن بالطبع نملك رفض رغبة اي شخص في الانضمام لنا رغم معرفتنا المسبقة بأن بعضهم لم يكن سليم النية تماما ولا مخلصا لأهدافنا تمام الإخلاص وكان منهم عدد ممن ترددت مواقفهم وتباينت بين إظهار التأييد وفي ذات الوقت عدم (خسارة) الطرف الآخر ..ولم يكن يزعجنا هذا كثيرا فنحن لم نطرح الاحتجاجات بمفهوم أيديولوجي او سياسي او توجه نحو أعداء شخصي لذلك قبلنا مواقف ( عاقله)من فنانين كبار مثل حسام الدين مصطفى و صلاح عرام وغيره أما يوسف شاهين فقد فوجئنا به داخلا إلى مقر الاعتصام في اليوم الرابع أو الخامس والطبع اجتمع به الحضور في الاعتصام لكنه فاجأ الجميع بأن أعلن أنه يرى ضرورة (فض) الاعتصام والعودة إلى وسائل أخرى يرى أنها أكثر نجاعة في الوصول إلى حل وأنه قد تم وعده بذلك إن نجح في إقناعنا بفض الاعتصام !!! وفوجئ جو برد فعل غاضب على اقتراحه من جميع الموجودين الذين أعلنوا (ومنهم العبد لله ) أنهم باقون حتى تتحقق مطالبهم المشروعة وأن إنهاء الاعتصام الآن إهدار لإرادة من وثقوا بنا ووكلونا للدفاع عن حقوقهم …غضب يوسف شاهين وغادر النقابة ليلا لكننا فوجئنا في صباح اليوم التالي برجال (عباس صابر ) يدخلون النقابة ومعهم ألواح خشبية وعدة نجارة ومرتبه أسفنج وتم إدخالهم إلى الغرفة التي ينام فيها قادة الاعتصام وسرعان ما صنع العمال المهرة سريرا متواضعا ورف للقهوة والمشروبات وآخر للأدوية …!!حضر بعد ساعات يوسف شاهين بنفسه واعلن الانضمام للاعتصام.. !!ولا أذكر اسم الزميل الذي أدهشه هذا الفعل فكان يشير إلى هذا الركن في غرفة القيادة باسم ركن جروبي واستكمل ( عباس صابر) نشاطاته فأحضر آلة عرض 35 ملي من مكتب الأستاذ وعدد من نسخ الأفلام التي طلبها الأستاذ قائلا أن الاعتصام لابد أن يهدف إلى مزيد من الثقافة والاستمتاع الفني ..!وهكذا انضم (جو) للاعتصام ..ونستكمل في المقال القادم