عصام محمد عبد القادر

العلاقات المصرية الروسية

الأربعاء، 23 أكتوبر 2024 08:44 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حري بالذكر أن جمهورية مصر العربية من الدول التي لها تأثير إقليمي بالغ الأهمية في المنطقة؛ فهي من الدولة التي تشكل أهمية في الشرق الأوسط، ويعي ذلك جميع القوى الدولية الكبرى، ومن ثم تهتم جميع الدول بإقامة وتوطيد العلاقات مع مصر لغايات استراتيجية عديدة يأتي في مقدمتها التنمية الاقتصادية والتأثير الجيوسياسي في المنطقة.

وتاريخ العلاقات المصرية الروسية بدأ في 1943 بين الدولة المصرية والدولة السوفيتية وتطورت العلاقات أكثر بعد ثورة 1952؛ حيث قدمت الدولة الروسية العديد من المساعدات المرتبطة بالمشروعات القومية المصرية ويأتي في مقدمتها بناء وتشييد السد العالي، كما ساهمت أيضًا في تجهيزات القوات المسلحة المصرية ومدها بالعتاد والسلاح.

وتطورت وامتدت العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتي فكانت بمثابة المدافع الرئيس عن مصر أثناء تعرضها لصور العدوان الغاشم من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وعلى أثر مساندتها لمصر وتحذيراتها المعلنة ساهمت في إيقاف هذا العدوان، وعضدت العلاقات بعد ذلك لتقدم روسيا لمصر المزيد من الخبراء في شتى المجالات خاصة الإنتاجية منها؛ حيث شهدت مصر نهضة صناعية غير مسبوقة ودشنت العديد من المصانع منها مصنع الحديد والصلب بحلوان ومجمع الألومنيوم بنجع حمادي وغير ذلك من المشروعات التي لا يسمح المقام بذكرها.

وفي مطلع الألفينات ازدادت العلاقات والزيارات بين الزعماء وعززت الصداقة والشراكة وبدأت المباحثات الجادة حيال موضوع الطاقة الذرية واستخداماتها السلمية وأبرمت الاتفاقيات المرتبطة بهذا الشأن، كما كان هناك تعاون تام حول اتفاقية تسليم السجناء واهتمام بالغ في ملفات الثروات الطبيعية وآليات الحفاظ عليها وتنميتها، ناهيك عن العديد من المعاهدات التي شملت صورة الشراكة الاستراتيجية بعيدة المدى بين البلدين.

وبدى الاهتمام الروسي بمصر واضحًا إبان ثورة 25 يناير 2011؛ حيث أفصحت روسيا عن قلقها البالغ تجاه تولي الإخوان حكم البلاد وانتشار المليشيات المسلحة والجماعات المتطرفة التي من شأنها أن تسهم في تفتيت وحدة الدولة وتقوض غاياتها الكبرى وتطيح بمخططاتها التنموية والاستراتيجية في شتى المجالات.

وخلال توتر العلاقات المصرية الأمريكية بشأن ثورة التصحيح في 30 يونيو 2013 أخذت العلاقات المصرية الروسية مسارًا جديدًا في تعضيد تلك العلاقات؛ فبعد الإطاحة بالإخوان أيدت الدولة الروسية الإرادة الشعبية المصرية وقيادتها السياسية الجسورة، وقدمت مساندتها المعلنة للجيش المصري العظيم إلى أن استقرت الأمور بشكل تمام في ربوع الوطن.

وهذا السرد التاريخي المختصر دلالته تؤكد على أن العلاقات بين البلدين أصيلة ومتجذرة والمواقف الجامعة بينهما مشرفة ونبيلة في حد ذاتها، ومن ثم نرى أن مصر حليف استراتيجي وأحد ركائز التنمية والاستقرار في المنطقة، وأن روسيا في المقابل تستهدف أن تستعيد دورها الإقليمي المفتقد منذ عقود من خلال تعزيز الشراكات مع أكثر دول المنطقة أهمية ونفوذ وفاعلية وفي مقدمتها مصر.

ونود الإشارة إلى أن التعاون بين مصر وروسيا له ثمرات مباشرة تعود على الطرفين؛ فحجم الصفقات التي تمت في الفترة الأخيرة تؤكد صورة الاستثمار المتنامي بين الدولتين على كافة المستويات العسكرية والتنموية، وهناك رؤية استراتيجية تتبناها الدولة الروسية إزاء تعاونها مع مصر والتي تكمن في الدور الفاعل لمصر مع دول الجوار خاصة في لمناطق الملتهبة مثل سوريا وليبيا.

وجدير بالذكر أن العلاقات المصرية الروسية ساهمت في إحداث التوازنات المطلوبة التي حدت من التدخلات غير المرغوب فيها تجاه الشأن الداخلي المصري خاصة من الدول التي تتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وهي عنها ببعيد؛ فقد أوضحت المواقف الراهنة أن كافة الدولة لا تسعى إلا لمصالحها ولو على حساب ما يخالف القيم الخلقية وضمير الإنسانية.

ومما لا شك فيه أن تعددية العلاقات الدولية وفتح مسارات التعاون والشراكات مع العديد من دول العالم يثبت صحة الرؤية الاستراتيجية للدبلوماسية الرئاسية المصرية؛ حيث إن هذا الأمر يؤدي إلى الحد من صور الابتزاز التي قد تمارس على سيادة الدولة المصرية، ومن ثم تمنع التدخلات السافرة في الشأن الداخلي، وتردع كل محاولات اجترار البلاد لأبواب الفتن.

وهناك تقارب في وجهات النظر تحدث حيال تعضيد العلاقات الدولية بين كافة دول العالم والقارة الأفريقية أيضًا؛ فحلحلة الأزمات والتوصل لحلول مرضية لحد كبير لجميع الأطراف لا يدعمه إلا تفاهمات تجتمع حول المصلحة العامة التي تمنع التجاوزات والانفراد بالرأي والتصرف غير السديد.

إننا نثمن ما يبذله فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي من جهود متواصلة ومضنية من أجل رفعة الدولة وتنمية مواردها والدفع بها في مصاف الدول المتقدمة في العديد من المجالات، ونشيد بفعالية الأجندة المصرية في أعمال قمة البريكس ونتلمس الخير الوفير الذي يعود على الملف الاقتصادي وملفات أخرى مهمة؛ حيث نوقن مدى أهمية هذه القمة في الارتقاء بالجانب الاقتصادي والسياسي معًا.. ودي ومبحتي لوطني وللجميع.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة