في عام 2002 قدمت نيكول كيدمان واحدا من أجمل أفلام الرعب في تاريخ السينما العالمية، عن قصة إسبانية تدور أحداثها في إنجلترا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حول أم تعيش برفقة ابنها وبنتها اللذين يعانيان من مرض فرط الحساسية للضوء، فتقوم الأم بوضع برنامج صارم لحماية ابنيها، وبناء على هذا البرنامج تستقبل ثلاثة من الخدم الذين يتواكب قدومهم مع أحداث غريبة ومرعبة تحدث في المنزل، خاصة عندما تبدأ الابنة في رسم عدد من الأشخاص غير الموجودين لكنها تشعر بأفعالهم، الأمر الذي يتم تفسيره على مدار أحداث الفيلم بأن هناك أشباحا قد دخلت حياتهم، وهو الأمر الذي يسبب رعبا للأم، التي تحاول إيجاد تفسيرات معقولة، ومع مرور الأيام وتوالي أحداث الفيلم في جو من الرهبة والرعب أحيانا، نشعر مع الأبطال بالحركة الغريبة للأشباح داخل المنزل، غير أنه مع توالي الأحداث نكتشف في النهاية أن الأم وابنيها في الحقيقة هم الذين ماتوا، وأن أشباحهم تعيش في منزلهم الذي قدم إليه بعد موتهم أولئك السكان الجدد، لتكون تلك هي خدعة الحبكة الدرامية التي تنقلب إلى عكسها في نهاية الفيلم.
تم إنتاج هذا الفيلم بعد أقل من عام على أحداث 11سبتمبر الشهيرة، حيث كان الفيلم بمثابة رد على السؤال الذي طرحه المجتمع الأمريكي وقتها والذي مفاده: لماذا يكرهوننا؟
كان هذا السؤال يشغل الأمريكيين في ذلك الوقت، في محاولة لإيجاد سبب واضح لهذه الهجمات التي اعتبرت أول تهديد حقيقي للأمن القومي الأمريكي، وكان هذا الفيلم هو المحاولة الإبداعية الأهم للإجابة على هذا السؤال، فقد كان الأمريكيون حتى هذا الوقت يعتبرون أنفسهم هم العالم، وأن كل من هو خارج أمريكا هم الآخرون، كما كانوا يرون في أنفسهم المجتمع المثالي الحديث، وأن كل ما هو خارجه هو عالم آخر متخلف لا يستحق أن يعلموا عنه الكثير، حتى أفاقوا على الحقيقة الصعبة أن العالم خارج أمريكا هو العالم الأصلي وأنهم هم الطارئون عليه وإن كانوا هم الذين استطاعوا أن يكونوا أكثر قوة، وأن الأمريكيين قد أصيبوا بفرط الحساسية للمعرفة، فصاروا مثل الابنين اللذين لا يستطيعان التعرض للضوء، فلم يستطيعوا مواجهة المعرفة الحقة وظلت معرفتهم بأنفسهم هي ما يسعون إليه.
كان فيلم الآخرون إذن صرخة لمخرج إسباني أمريكي حاول بها تنبيه المجتمع الأمريكي إلى أن هناك عالم آخر يستحق الحياة، وأن محاولة سلبه حياته تلك ستحول هذا المجتمع الجديد إلى مجرد أشباح ستمر عبر التاريخ.
لكن أغلب الظن أن هذه الصرخة ذهبت هباء إلى النسيان، وأن السياسة الأمريكية لم تتعلم أو تطرح إجابتها الخاصة على ذلك السؤال الذي بقيت أسبابه واضحة ممتدة عبر عقود متجذرة داخل المجتمع الأمريكي والسياسة الأمريكية نفسها التي تبدو أنها تسير نائمة نحو مصيرها الحتمي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة