أكثر إنسان يخسر في هذه الحياة، هو ذلك الشخص الذي تتحكم فيه عواطفه وانفعالاته، وهو ما يُطلق عليه "الشخص المُودي"، أي الذي يتأثر بكل شيء من حوله، لدرجة أن ذلك يُؤثر على حالته المزاجية، فكلمة ترفعه إلى عنان السماء، وكلمة تنزل به تحت الأرض، فهؤلاء الأشخاص قد تتسبب كلمة واحدة وربما غير مقصودة في تعكير صفو اليوم بأكمله لديهم.
وهذا يُذكرني بقصة أستاذ دخل إلى القاعة وسأل طلابه: "إذا كان معكم 86,400 دولارًا، وسرق أحدهم منك عشرة دولارات، هل ستُلاحقونه، وأنتم تحملون في أيديكم 86,390 دولارًا، أم ستتركونه وتُكملوا طريقكم". جميع الطلاب أجابوا: "بالطبع سنتركه ونحتفظ بالـ 86,٣٩0 دولارًا".
فقال الأستاذ: "في الواقع، مُعظم الناس يفعلون العكس تمامًا، وجميعهم يفقدون الـ 86,390 دولارًا مُقابل الـ 10 دولارات".
فقال الطلاب: "هذا أمر مستحيل! كيف؟ ومَنْ يفعل ذلك؟".
فأجاب الأستاذ: "الـ 86,400 دولار هي في الحقيقة عدد الثواني في اليوم الواحد، ومُقابل كلمة مُزعجة يقولها لك أحدهم، أو موقف أغضبك في 10 ثوانٍ، ستظل تُفكر في ذلك الموقف بقية اليوم، وتجعل الـ 10 ثوانٍ تُضيع الـ 86,390 ثانية".
فهل نُنكر أن هناك نسبة عظمى من الناس تفعل ذلك، فتظل تُفكر في اللحظة السخيفة أو القاسية التي حدثت، وتبدأ في تكرارها وروايتها للآخرين، وبالطبع مع كل مرة يتم التعايش مع الأحاسيس السلبية مرة أخرى، ويتجدد الألم من جديد، وتضيع معه الساعات. والمُدهش أن هذا الألم وتلك اللحظة تتبدد مع الوقت وتتلاشى، بل ويتم نسخها بسبب مُجريات الأحداث الجديدة، وعوامل التحديث المُستمرة، أما ما ضاع من الثواني والدقائق والساعات فلن يعود ولن يتجدد، وبالتالي فالزمن أغلى من أي شيء، ولا يُعقل أن نخسر الكثير بسبب القليل، فالوقت هو أغلى نعمة في الوجود، فهو حياتنا وتاريخنا ومُستقبلنا، وعلينا أن نستمتع بكل لحظة فيه، لأنها لن تعود، أما المواقف السخيفة، فلا تستحق أن نقف عندها كثيرًا، لأنها ستتكرر باستمرار، فلا داع من تضييع الوقت من أجلها، فهي لا تستحق أكثر من اللحظة التي حدثت فيها.