فارسات وفرسان الحقيقة
تحت عنوان "فرسان الحقيقة" اجتمع نخبة من أبرز الإعلامية والإعلاميين من جميع أنحاء الوطن العربى فى فعاليات المؤتمر التاسع عشر والذى ينظمه مركز الإعلاميات العربيات فى العاصمة الأردنية عمّان، وكان التركيز حول أبرز دور فرسان الحقيقة وأهمية حمايتهم من الاستهداف فى الحروب.
افتتحت سمو الأميرة بسمة بنت طلال وهى الرئيسة الفخرية لمركز الإعلامية العربيات المؤتمر بكلمة عميقة ومؤثرة، أكدت فيها أهمية دور الإعلام بمختلف أشكاله، والمسؤولية المهنية والأخلاقية التى يتحملها العاملون فيه فى نقل وكشف حقيقة ما يجرى على أرض غزة وفلسطين، باعتباره الضامن الحقيقى لمنع التضليل والتشويش عن جمهور المتلقين.
إن الأحداث التى شهدها قطاع غزة والضفة الغربية على مدار عام كامل وما صاحبها من جرائم وممارسات، كانت كفيلة لكشف حقيقة التضليل التى تعمدت ممارستها الكثير من وسائل الإعلام العالمية الكبرى، فابتعدت فى تغطيتها عن الحيادية والموضوعية والمهنية، متناسية أن هناك أرضا مغتصبة وشعبا هجر من أرضه ومحاولات لطمس هويته وتصفية قضيته العادلة.
وأن الصحفيين من فرسان الحقيقة والكلمة كانوا هدفاً لإجرام إسرائيل وآلة حربها واستهدافها الممنهج، بعد أن استشعروا ما يخططه الاحتلال الإسرائيلى من طمس للهوية والمعالم، وتصفية للقضية الفلسطينية، ليكتبوا رسائلهم بالدم دفاعا عن الحقيقة وقضيتهم العادلة.
وطالبت المجتمع الدولى بتحمل مسؤولياته من أجل الحفاظ على حرية الصحافة والتعبير وضمان التغطية الإعلامية للصحفيين فى غزة والضفة الغربية.
المؤتمر كان صوتا قويا بعد عام من الإبادة الجماعية سواء فى المناقشات والأوراق البحثية التى قدمت أو فى التوصيات العميقة التى خرجت منه والتى أعلنتها الإعلامية محاسن الإمام رئيسة مركز الإعلاميات العربيات، وأكدت فيها أهمية العمل على تكثيف تدريب الإعلاميين والإعلاميات على السلامة المهنية أثناء وبعد النزاع وكيفية التعامل مع المعلومة.
وجاء بالتوصيات إلزام تطوير وتمكين المهارات الإعلامية فى كيفية استثمار التكنولوجيا الحديثة باستخدام الذكاء الاصطناعى، بما يضمن تطوير المحتوى الإعلامى، وإعداد حملات إعلامية رقمية لصالح القضية الفلسطينية، لنشر الوعى المجتمعى بالقضايا الحساسة والأمنية، وتوثيق السردية الفلسطينية خلال الحرب خاصة بما يتعلق بقضايا النساء والإعلاميات بشكل خاص.
وأكدت التوصيات أهمية إنشاء منصة إعلامية مشتركة تضم منسقات مركز الإعلاميات فى كافة الدول العربية بهدف تبادل الخبرات والمعلومات الخاصة بالتمكين والدراسات والتوثيق وأوضاع الإعلاميات فى مناطقهن. وتفعيل الاجتماعات الدورية بين منسقات مركز الإعلاميات والمراكز الرديفة عبر المنصات الإلكترونية من أجل التواصل والتشبيك، وإنتاج دليل للمصطلحات الخاصة بالجندر والأدوات الرقمية خاصة التى حولها جدل وخلط بين التعريف والمفهوم.
وكما جاءت فى التوصيات، إصدار تقرير عربى شامل، يعلن عنه فى اليوم العالمى للصحافة يرصد الانتهاكات التى تتعرض لها الإعلاميات والملاحظات من حقوق الإنسان بأكثر من لغة، وحث المؤسسات التربوية والإعلامية على إعداد مقرر التربية الإعلامية وصحافة المواطن لمواجهة الشائعات والتمييز على أساس الجنس وخطاب الكراهية.
كان المؤتمر يحمل رسالة واضحة وقوية حول أهمية دور الإعلام، وبصفة خاصة الإعلام الرقمى الآن، فى ظل تطورات الذكاء الاصطناعى والمسؤولية المهنية والأخلاقية التى يتحملها كافة الإعلاميين من فارسات وفرسان الحقيقة فيه فى نقل وكشف حقيقة ما يجرى على أرض غزة وفلسطين، لمنع التضليل والتزييف المتعمد عن واقع حرب الابادة والانتهاكات التى تبذل ضد الشعب الفلسطينى الصامد.
حتى أن تلك الحرب المجنونة قد طالت أيضا الصحفيين من فرسان الحقيقة والكلمة وكانوا هدفاً للاستهداف الاسرائيلى الممنهج ليكتبوا رسائلهم بالدم دفاعا عن الحقيقة وقضيتهم العادلة.
وحمل المؤتمر رسالة مطالبة قوية إلى المجتمع الدولى بتحمل مسؤولياته من أجل الحفاظ على حرية الصحافة والتعبير وضمان التغطية الإعلامية للصحفيين فى غزة والضفة الغربية، وضرورة حماية الصحفيين فى مناطق النزاع وتفعيل قوانين تضمن الحصول على المعلومة والحماية وحرية الإعلام والتعبير والاجتماع والتظاهر السلمى.
وربما نقول أنه قد آن الأوان الآن لتبنى مفهوم جديدة فى الإدارة الإعلامية للصراع العربى الإسرائيلى ودعم القضية الفلسطينية تعتمد على المفهوم الصحيح لفن الحملات الإعلامية الرقمية مع استخدام الذكاء الاصطناعى فيها بشكل علمى ومدروس ومكثف فى ظل تراجع تأثير الإعلام العربى المؤسسى فى تأطير الحرب، وما خلفها من صراع تاريخى، مما يتطلب جهوداً كبيرة للحد من تداعيات خطيرة فى المشهد الإعلامى أمام منح وسائل «التواصل الاجتماعي» المساحة الأكبر للتأثير فى الرأى العام العربى والغربى على حد سواء. وفى ظل تخبط وارتباك دور الإعلام العربى لذلك بات هناك ضرورة عاجلة لتوحيد الجهود الإعلامية العربية بشكل منظم ومكثف ومدروس من أجل نصرة القضية الفلسطينية باعتبارها قضية الأمة العربية.
وربما هنا يحتاج الأمر إلى تدخل الجامعة العربية لنبنى مبادرة تنفيذية فعلية تستخدم مفهوم الحملان الإعلامية الرقمية بشكل صحيح، بدلا من جهود فردية متناثرة لا تحدث الأثر المأمول، فتأثيرها قد يكون لحظيا وغير مستمر، وبالتالى يفقد قيمته بدلا من خطة إعلامية منظمة ومدروسة ومستمرة تعتمد على تكنولوجيا الاتصال الرقمى وتصل إلى العالم بلغاته المختلفة صورة وصوت الحقيقة على أيدى فارسات وفرسان الحقيقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة