تعتبر ذبابة البترول، حشرة لا تعيش فى البترول فحسب، وهو مادة شديدة السمية للحيوانات الأخرى، بل إنها تزدهر فيه بالفعل، ولعشرات الآلاف من السنين، كانت حفر القطران فى لا بريا بالقرب من لوس أنجلوس، كاليفورنيا، بمثابة فخ مميت لملايين الحيوانات، بعضها منقرض وبعضها لا يزال موجودا حتى اليوم.
ذبابة البترول
وجدت الحشرات والطيور والثدييات وحتى الديناصورات نهايتها فى هذه الحفر اللزجة فى وقت ما، لكن نوعا صغيرا من الحشرات تمكن من التكيف مع هذه البيئة السامة بشكل لا يصدق واستخدمها بالفعل لصالحه، وهى ذبابة البترول، وهى حشرة طائرة بحجم ذبابة الفاكهة، هى النوع الوحيد المعروف من الحشرات التى لا تستطيع البقاء على قيد الحياة فى الأسفلت الطبيعى لحفر القطران فى لا بريا فحسب، بل وتتخذه موطنا لها، وتنمو يرقاتها فى البترول اللزج بينما تقضى الذبابات الناضجة معظم حياتها تتجول على سطح حفر القطران بحثا عن الطعام.
وصف ويليام هومان ثورب، عالم الحيوان البريطانى البارز وعالم السلوكيات وعلم الطيور، ذات يوم ذبابة البترول بأنها "واحدة من أهم الفضوليات البيولوجية فى العالم بلا شك"، بحسب ما ذكر موقع oddity central، ولا يزال العلماء غير قادرين على فهم كيفية بقاء اليرقات الصغيرة على قيد الحياة فى حفر القطران السامة فى لا بريا وحتى استهلاك البترول دون أى آثار ضارة.
تقضى يرقات ذبابة البترول حياتها فى الزحف عبر البترول بحثا عن الحشرات والمفصليات الأقل حظا لاستهلاكها، ولا تزال حفر القطران فى لا بريا تصطاد الكثير من المخلوقات كل يوم، لذلك هناك دائما طعام يمكن العثور عليه لليرقات الشرهة.
تتنفس من خلال أنابيب هواء صغيرة تقع فى الجزء الخلفى من أجسامها الشفافة، لكن التجارب أظهرت أنها يمكن أن تظل مغمورة فى البترول لفترات طويلة من الزمن دون أى آثار ضارة.
على الرغم من أن يرقات البترول تعتمد على جثث الحشرات الميتة والمفصليات كمصدر للغذاء، إلا أنها تستهلك أيضا كميات كبيرة من البترول عند التغذية، ولكن يبدو أن هذا لا يؤثر عليها على الإطلاق، حيث يمكن رؤية المادة السامة من خلال أجسامها الشفافة، لكنها تمر عبر نظامها دون التسبب فى أى مشاكل صحية، حتى عند تعرضها لـ 50٪ من زيت التربنتين أو 50٪ من الزيلين فى التجارب المعملية، لم تتأثر الذباب تماما، وعندما تصل درجة حرارة البترول إلى 38 درجة مئوية، تظل اليرقات غير منزعجة.
ومن المثير للاهتمام أن يرقات ذبابة البترول تعتمد أيضا على الأسفلت الطبيعى كمرطب، حيث أن الزحف من خلاله فى الشمس الحارقة يمنع أجسامها من الجفاف.
تترك اليرقات حفر البترول فقط لتتحول إلى شرنقة، وعادة ما تختار سيقان العشب على حافة البركة، وتمتلك ذبابات البترول الناضجة أجنحة، لكنها نادرا ما تستخدمها، بدلا من ذلك تقضى وقتها فى التجول على سطح حفر القطران فى لا بريا، وعلى الرغم من أن أرجلها مجهزة بشكل مثالى للتنقل عبر السائل السام، إلا أنه إذا لامست أجسامها أو أجنحتها السائل اللزج، فإنها معرضة للخطر مثل أى حشرة أخرى ويمكن أن تصبح طعاما ليرقاتها.
تم اكتشاف يرقات الذباب فى حفر القطران فى لا بريا فى عام 1899، ولكن حتى يومنا هذا، لا تزال الآلية التى تجعلها محصنة ضد الأسفلت الطبيعى السام غير معروفة إلى حد كبير.