رسائل متنوعة انطلقت فى احتفالية تخريج طلاب الكليات العسكرية فى العاصمة الإدارية، حيث كانت أول احتفالية كبرى بتخريج طلاب مدربين ومتعلمين بالعلوم الحديثة، لينضموا إلى القوات المسلحة الباسلة، ومن العاصمة الإدارية الجديدة، التى تمثل رمزا لإرادة المصريين فى التنمية والإنجاز، فى زمن قياسى، تقف فيه العاصمة شاهدا على قدرة مصرية تحيل الرمال إلى عمران وتضاف إلى القاهرة رئة وامتدادا تستوعب وتمثل عقل وقلب مصر الحديث فى الإدارة والتنمية.
الرسالة الأخرى هى الشكل والمضمون الذى جاءت به الاحتفالية تعبيرا عن الإمكانيات والتحديث لقواتنا المسلحة تزامنا مع ذكرى «51» لانتصارات أكتوبر المجيدة وفى وقت تواجه فيه المنطقة والعالم تهديدات وصراعات غير مسبوقة وتحولات سياسية ومعلوماتية تستلزم اليقظة والقدرة على مواجهة هذه التحديات بالعلم والتدريب والرشادة، وأن مصر تحرص على تحديث قواتها المسلحة، التى لم تتأخر عن تحمل مسؤوليتها ومهامها فى مواجهة التحديات والتهديدات، وامتلاك قدرة ردع رشيدة تحمى الأمن القومى، ولا تهدد ولا تعتدى، لكنها تحمل الردع المستمر.
فى وقتها جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حفل تخرج الكليات العسكرية، والتى تتزامن مع الذكرى الواحد والخمسين لانتصارات أكتوبر العظيمة وحرص الرئيس السيسى على تأكيد موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية وأهمية مسارات حل الصراع فى الشرق الأوسط بشكل نهائى، وأنه لا سلام دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ومن دون ذلك فإن المنطقة تواجه احتمالات اتساع الحرب إقليميا، بما يهدد السلام الإقليمى والدولى.
رسائل الرئيس تأتى فى وقت يتصاعد فيه العدوان الإسرائيلى على غزة ضد المدنيين، وأيضا محاولات اجتياح جنوب لبنان، وتصعيد قابل للاشتعال، كلمة الرئيس السيسى هى تأكيد لموقف مصر الثابت والواضح، برفض التهجير والتصفية وضرورة وقف العدوان والمأساة الإنسانية لسكان غزة، وأيضا ضرورة وقف العدوان على لبنان.
رسائل الرئيس عبدالفتاح السيسى - الموجزة، والحاسمة - حملت الكثير من الإشارات والدلالات، انطلاقا من إدراك مصر لخطورة استمرار الحرب فى غزة، وجنوب لبنان، وسقوط المزيد من المدنيين، بينما فشل الاحتلال بالرغم من حجم الدمار فى إجبار الفلسطينيين على ترك أرضهم، وأن الحرب مهما طالت سوف تتوقف ومن الأجدى وقف إطلاق النار والانخراط فى مفاوضات تنهى هذا الوضع، حيث أثبتت التجربة خلال عقود أن تدمير أو إفناء الفلسطينيين مستحيل، وأن العدوان لم ولن ينجح فى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم أو تصفية قضيتهم، ويؤكد الرئيس دائما أنه لا بديل عن وقف هذه العدوان والسير إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ومن دون ذلك لا سلام فى المنطقة.
حرص الرئيس فى كلمته بحفل تخريج دفعة من طلاب الكليات العسكرية من العاصمة الإدارية إلى التأكيد أن الذكرى الـ51 لانتصار أكتوبر العظيم تأتى فى ظرف بالغ الدقة فى تاريخ المنطقة التى تموج بأحداث دامية متصاعدة، تعصف بمقدرات شعوبها، وتهـدد أمن وسلامة بلدانها، ويأتى التصعيد الإقليمى، وسط أجواء من الترقب على المستوى الدولى، وتعيد التذكير بما حققه المصريون - بالتماسك وتحمل الصعاب - من أجل بناء قوتنا المسلحة، للحفاظ على سلامة هذا الوطن الغالى، وتبديد أى أوهام لدى أى طرف.
وحرص الرئيس على توجيه التحية الى أبطال القوات المسلحة، التى لم تتأخر أبدا عن تحمل مسؤولياتها ومهامها فى كل الظروف، كما أكد الرئيس أن سلامة هذا الوطن، ما كان لها أن تتحقق، فى مواجهة التحديات، على مدار السنوات الماضية.. لولا صمود هذا الشعب الأمين ووحدته، وتضحيات أبنائه، وأن مصر بوحدة شعبها أكبر من جميع التحديات تواصل تقدمها بإرادة وعزيمة أبنائها.
والواقع أن مصر تمتلك موقفا ثابتا، ضد تصفية القضية وتهجير الفلسطينيين، وأن اللحظة التاريخية التى تمر بها المنطقة تدعونا للتأكيد، بأن السلام العادل هو الحل الوحيد، لضمان التعايش الآمن والمستدام، بين شعوب المنطقة وأن التصعيد والعنف والدمار، تدفع المنطقة نحو حافة الهاوية ويضاعفون المخاطر، إقليميا ودوليا، وتتمسك مصر بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، كسبيل وحيد لإرساء السلام والأمن والاستقرار للجميع.
وعندما تعلن مصر هذه الخطوط، فهى تنطلق من امتلاك القوة والقدرة، والجيش الوطنى القوى الرشيد الذى يحمى ويردع، لا يهدد ولا يعتدى، ويمثل علامة من عناصر التوازن والاستقرار فى المنطقة، لكون مصر تمتلك الخبرة حربا وسلما، وتدفع نحو السلام القائم على توازن القوة، خاصة أن هذه الكلمات تأتى وسط استعراض ضخم، يعبر عن قدرة ورؤية لدولة محورية كبيرة.
مقال أكرم القصاص