تعد اللغة العربية أحد أبرز اللغات العالمية، ويتكلم بها أكثر من 400 مليون نسمة حول العالم، وتعتبر أحد أهم أركان التنوع الثقافى، ولغة القرآن الكريم، ومع انطلاق مبادرة "اتكلم عربي" نجد أن هناك العديد من الأعمال الإبداعية المميزة التي تحدثت عن أهمية اللغة العربية في مختلف العصور والأزمنة.
وحسب ما جاء في كتاب "دور اللغة العربية في بناء المجتمع وتطوره" تأليف الدكتور سالم المعوش: لا تزال اللغة العنصر الرئيس في اعطاء الصفة الإجتماعية للمتحدثين بها، والوقفة التى يقتضي وقوفها اليوم حول دور اللغة العربية في حياة العرب يتخطى الحاضر في حركة غير متعاكسة نظرياً على الأقل، ووجهة هذه الحركة هي باتجاه الماضي أولاً والمستقبل ثانياً مروراً بالحاضر ثالثاً.
ويضيف مؤلف الكتاب: وفي الأحوال كلها ثمّة تعويل على التواصل، وثمّة حراك وشبه سكون يقتفيان أثر الحياة.. وهذا لا يعني الحيويّة أو الموت.. إثما حالة وانتقال، يبقى فيهما التواصل؛ ويبقى قول الجاحظ صحيحاً، على الرغم من مرور الزمن : "إذا ترك الإنسان القول ماتت خواطره، وتبلّدت نفسه وفسد حسه".
والقول هو اللغة، سواء أكانت مكتوبة أم منطوقة أم إشارة أم إيحاء أم رموزاً... وهي عند العرب حميمية وتضامنيّة واجتماعيّة.. لذلك كانت لها هذه الأهميّة، لأنها فعل حياة، وغيابها يؤثّر تأثيراً كبيراً في واقع أبنائها، يورد د. هدسون في كتابه "علم اللغة الإجتماعي"، الفقرة التالية عن بعض مواصفات اللغة العربية: "تتمثّل الاختلافات بين الثقافات المختلفة بتحديد المسافة التى تتلاءم مع درجة معينة من التضامن، فالمسافة التي يحدّدها العرب - مثلاً - غالباً ما تكون أقصر من المسافة التي يحددها الأميركيون، وقد أجريت لتدعيم هذا الإدّعاء أبحاث للمقارنة بين الطلاب العرب والطلاب الأميركيين في جامعة أمريكية، في هذه الدراسة طلب من الطلاب أن يتحدثوا سويا في أزواج في غرفة يمكن ملاحظتهم فيها دون علمهم، وقد تمّ تسجيل حركاتهم ودرجة اقترابهم من بعضهم بعضاً عند الجلوس واتجاه أجسامهم ومقدار نظرهم إلى بعضهم بعضاً ومقدار ارتفاع أصواتهم ومقدار تلامسهم... خاطب العربْ العرب والأمريكيون الأمريكيين، وعند مقارنة النتائج وُجد أن العرب يواجهون بعضهم بطريقة أكثر مباشرة من الأميركيين... وأنهم يقتربون من بعضهم في جلوسهم أكثر من الأميركيين، وأنهم أكثر استعداداً لملامسة بعضهم بعضاً والنظر مباشرة في عيون بعضهم بعضاً، وتخاطبوا بصوت أعلى من أمثالهم من الأمريكيين، وقد تضمّنت هذه التجربة عدداً من المتغيّرات غير المسافة، تشترك كلها بطريقة أو بأخرى في تحديد علاقات القوّة والتضامن بين الأفراد، وقد تؤدي مثل هذه الاختلافات الثقافية بين الأمريكيين وبين العرب إلى سوء تفاهم شديد بين الطرفين".
يبدو من هذا العرض أن الأكثر أهمية في خصائص اللغة العربية، هي جماعيتها وتلاحم أبنائها وتضامنهم واقترابهم من بعضهم حتى التلاصق والتوحد..