على مدار الأسبوع الماضي، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي العديد من الرسائل المباشرة وغير المباشرة، حيال الأوضاع الإقليمية بالغة الخطورة التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط منذ عام كامل. تلك الأوضاع التي تتفاقم يوماً تلو الآخر، بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والذي طال شره الخبيث الأراضي اللبنانية، ليتقلب الإقليم على جمر النيران المشتعلة، مترقباً لحرب شاملة في أية لحظة قد تقضي على الأخضر واليابس.
رسائل الرئيس السيسي جاءت خلال حدثين مهمين، الأول حفل تخرج دفعة جديدة من الكليات العسكرية أمس الأول، والآخر حفل تخرج دفعة أخرى من أكاديمية الشرطة مطلع الأسبوع الماضي. وبين الحفلين، كانت الذكرى الحادية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد، ترفرف في قلوب كل المصريين.
رسائل القيادة السياسية حملت دلالات ومعانٍ كثيرة، لعل أبرزها أن القوات المسحلة والشرطة، هما الداعم الأول للدولة المصرية، والحامي الأقوي للمصريين من شرور الخارج والداخل.
ففي كلمة الرئيس خلال حفل تخرج الكليات العسكرية، كانت هناك رسائل طمأنة للشعب المصري بقدرة القوات المسلحة على مواجهة التحديات الإقليمية الراهنة، والتأكيد على جاهزية الجيش واستعداده الكامل لحماية الوطن والتصدي لأي تهديد للأمن القومي المصري، بما تمتلكه مصر من قوة لا يستهان بها، تجعل الشعب المصري يشعر بالفخر بإمكانيات جيشه التي تضعه في مقدمة القوى الإقليمية.
الرئيس السيسي أكد أن اللحظة التاريخية الفارقة التي تمر بها منطقتنا الآن، تدعونا للتأكيد مجدداً بأن السلام العادل هو الحل الوحيد لضمان التعايش الآمن والمستدام بين الشعوب، وأن التصعيد والعنف والدمار يؤدون إلى دفع المنطقة نحو حافة الهاوية وزيادة المخاطر إقليمياً ودولياً بما لا يحقق مصالح أي شعب يرغب في الأمن والسلام والتنمية. ومن هذا المنطلق، فإن مصر تؤكد موقفها الثابت المدعوم بالتوافق الدولي بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كسبيل وحيد لإرساء السلام والأمن والاستقرار للجميع.
كما وجه الرئيس تحية واحترام وتقدير إلى روح البطل الشهيد الرئيس محمد أنور السادات، بطل استرداد الكرامة والأرض بالحرب والسلام، بالشجاعة والرؤية الإستراتيجية. وقال لروحه: (إن ما وهبت حياتك من أجله، لن يضيع هدراً أو هباءً، بل وضع الأساس الراسخ الذي نبنى عليه، ليبقى الوطن شامخاً والشعب آمناً، يحيا مرفوع الرأس على أرضه، لا ينقص منها شبر، ولن ينقص بإذن الله، وهذا وعدنا وعهدنا لشعبنا العظيم).
أما في حفل تخرج دفعة أكاديمية الشرطة، أطلق الرئيس السيسي العديد من الرسائل المهمة والعاجلة، لطمأنة المصريين بمختلف انتماءاتهم السياسية والشعبية والحزبية، وجاءت في توقيت شديد الأهمية ليضع خطة واضحة وقاطعة أمام الجميع بأنه لا مساس أو تفريط بأمن مصر القومي وسيادتها الكاملة على كل شبر من أراضيها تحت أي ظرف، وسط التطورات المعقدة وشديدة الخطورة التي تحيط بالشرق الأوسط.
الرئيس السيسي أكد أن سياسة مصر متوازنة وموضوعية في ظل هذا الاضطراب الخطير، وحذرت مصر مراراً وتكراراً أن استمراره سيؤدي إلى عواقب خطيرة في المنطقة والعالم. وشدد على ضرورة تماسك المجتمع المصري بالثوابت الخاصة به، وقال للمصريين: (إحنا بخير والأمور بفضل الله مستقرة ومن أحسن لأحسن، طول ما إحنا في مصر ثابتين ومستقرين ومتحدين وإيدينا في إيد بعض، وندير أمورنا بشكل يحفظ بلدنا والمنطقة، دون التورط في أمور يمكن أن تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة). وحذر الشعب المصري من الالتفات للكذب والشائعات والافتراءات على الدولة المصرية، وقال: (المفكرين والمثقفين والإعلام وضح الخطر والكذب والشائعات اللي بتتقال وتطلق هنا وهنا، وهي اتهامات ليس لها أساس من الصحة، بيقولوا كلام كتير مش مضبوط، أنا صريح وصادق معاكم، وهفضل كده على طول).
وتبقى الرسالة الأخيرة، لكل حاقد على مصر أو حاسد لها أو متربص بها أو جاهل بقدراتها، أن مصر محروسة بقوة جيشها وشرطتها، متسلحة بعبقرية مكانها ومكانتها وإمكانياتها، و إخلاص شعبها، وحكمة قيادتها المحنكة. فمصر هي مبتدأ السلام، وخبر القوة، وفاعل بالحكمة، في جملة التاريخ والحاضر والمستقبل...