يأتي شهر أكتوبر المجيد كل عام ونتذكر جميعًا بطولات جيشنا العظيم في حرب السادس من أكتوبر، حرب الكرامة والعزة، حرب استعادة الأرض، ومع كل عام تخرج معلومات وقصص وحكايات جديدة عن بطولات وتضحيات لا تنضب، ولكننا ما زلنا مقصرين في حق الحرب، فلم نوفِ انتصارنا حقه في التناول سينمائيًا وتليفزيونيًا ومسرحيًا أيضًا، ربما يكون الغناء تناول الحدث بشكل أفضل من الثلاثي الدرامي.
ما قدم في السينما المصرية عن حرب أكتوبر وما قبلها من عمليات، فيما يعرف بـ"حرب الاستنزاف"، لا يتجاوز على ما أعتقد الـ 10 أفلام منها: الرصاصة لا تزال في جيبي، وأغنية على الممر، وبدور، أبناء الصمت، الوفاء العظيم، العمر لحظة، والطريق إلى إيلات، وغبرها، وهذا بكل تأكيد قليل جدًا مقارنة بما هو موجود من قصص وحكايات، لأن عظمة وقيمة الحرب الحقيقية لم تظهر على الشاشة أو في المسرح بشكل يوفها حقها.
منذ 5 سنوات وبالتحديد عام 2019، قدم لنا المخرج شريف عرفة فيلم "الممر" وكانت خطوة مهمة ومشجعة لصناع السينما والدراما التليفزيونية علي التحرك سريعًا لإنتاج أعمال فنية تبرز البطولات المصرية وتجسد ما حدث في الحرب على المستوى الإنساني، خاصة أنه ما زال علي قيد الحياة الكثير من الأبطال الذين عايشوا الحرب ويمتلكون القصص والحكايات التي تصنع مئات الأفلام والمسلسلات، وما زال داخل الكتب والمراجع الحربية لمؤرخي الحرب الكثير من المعلومات والقصص الدرامية.
توثيق الحرب ضرورة، لأن العدو يوثق بمنظوره، ويروج أن الحرب كانت سجالا وأننا لم ننتصر ولكن خرجنا متعادلين، وهذه مغالطة وكذبة يروجها عدونا من خلال أعلامه وأفلامه، لذا وجب علينا التوثيق وخير توثيق هي الدراما لأنها تؤثر في العقل والوجدان، وتتسلل لمراكز العقل الباطن وتستقر، أكثر من أي وسيط آخر كالكتاب أو البرنامج.
السينما الأمريكية وثقت كل حروبها التي خاضتها، فقدمت ما لا يقل عن 550 فيلمًا عن الحربين العالمية الأولى والثانية، وحوالي 122 فيلمًا عن "الحرب فى فيتنام" بمفردها ومنها فيلم "عبر الكون" للمخرجة جوليا تيمور، وقدمت 30 فيلمًا عن الحرب الأمريكية فى العراق منها فيلم «The Men Who Stare at Goats» "رجال يحدقون فى الماعز" بطولة جورج كلونى المأخوذ عن كتاب "جون رونسون"، وبالمناسبة هناك حروب كثيرة كانت أمريكا فيها الخاسرة لكنها أظهرت نفسها منتصرة، وأنها تنقذ العالم من الظالمين ومن المفسدين وتطهر البشرية من الأشرار، ونحن فى مصر لم نقدم سوى حوالي 10 أفلام، برغم أننا نمتلك أعظم حرب عرفتها البشرية ، حرب تدرس فى الكليات والمعاهد للطلبة.
يا صناع السينما.. ويا صناع الدراما.. ويا صناع المسرح.. ما زالت حرب أكتوبر لم تأخذ حقها فى الفن المصرى!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة