الاعتزال هو اللحظة الأصعب في حياة أي لاعب كرة قدم، خصوصًا إذا كان الموقف مع موهبة ظلت تقدم السحر الكروي للجماهير، وفي نفس الوقت تتمتع بالأخلاق العالية والحب الجماهيري بمختلف الانتماءات، وهذا ما ينطبق حرفيًا على حالة أحمد فتحي نجم المنتخب الوطني السابق والشهير بـ"الجوكر"، والذي أعلن تعليق حذائه رسميًا منذ أيام.
أحمد فتحي لا يحتاج أبدًا للكتابة عن سيرته الذاتية وانجازاته والألقاب التي حصل عليها طوال مسيرته منذ بزوغ نجمه في سن صغير بالنادي الإسماعيلي وعمره 16 عامًا تقريبا، فهو بلا شك سيظل أيقونة من أيقونات الساحرة المستديرة، حيث إنه لاعب من نوع خاص، ففي رحلة صعوده الكروي ركز اهتمامه على موهبته والإخلاص للمكان الذي ينتمي له وعدم الالتفات للشائعات وغيرها من هذا القبيل، حتى بات واحد من أفضل اللاعبين الذين مروا في تاريخ الكرة المصرية.
بالتأكيد أن قرار فتحي بتعليق الحذاء الآن بعد كل هذا المشوار الحافل يؤكد أنه صادق مع نفسه، فالصدق هو أقصر الطرق لاحترام الذات، حيث يجعل من يعرفه يزيد من احترامه له والأهم يجعل هو يحترم نفسه أكثر، حيث إنه يعلم جيدًا أنه دوره مع بيراميدز آخر تجاربه في الملعب أصبح شبه معدومًا، لكن أكثر جعلني بوجه خاص أشعر بالحزن، هو أن إعلان اعتزاله مر مرور الكرام دون الاحتفاء بواحد من أفضل اللاعبين في مسيرة الكرة المصرية، كما أشرت سابقًا، فهو أحد أبناء الجيل الذهبي صاحب الثلاثية التاريخية لحصد بطولة كأس أمم أفريقيا 3 مرات متتالية.
من الممكن أن يكون ابتعاد أحمد فتحي عن الأهلي وختام مسيرته داخل صفوف بيراميدز، كان له عامل كبير، في عدم الشعور بخبر اعتزاله، وهنا اتفق مع أصحاب رأي أن خوض اللاعب تجربة خارج جدران القلعة الحمراء، التي شهدت النجومية والإنجازات الأكبر خلال مشواره، خصوصًا أنها كانت خطوة محفوفة بالمخاطر، وكنت أتمنى أن يستمر ويختتم مسيرته في ملعب "التتش"، لكنه في الأول والآخر كان هو صاحب القرار، ولا يجب ذبحه لمجرد أنه اختار طريق مخالف عن بعض المشجعين.
كانت نبرة الحزن في صوت فتحي وقت إعلان الابتعاد عن ساحات المستطيل الأخضر تجسد المعني الحقيقي لقسوة كرة القدم، التي رغم أنها ذات سحر خاص، تسحب الروح إلى عالم آخر من السعادة، لاسيما في اللحظات التي تشاهد فيها فريقك المفضل يحقق انتصارات وانجازات، لكنها تكون أكثر قسوة عند قدوم لاعب على خطوة تعليق الحذاء.
لكن من الأمور المبهجة، في قصة أحمد فتحي، هو ظهوره خلال سحب قرعة دوري أبطال أفريقيا، بعد دعوة من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف"، بوصفه أحد أساطير القارة السمراء، كما أن يده كانت "خفيفة" في القرعة على الأهلي، وأوقعته في متوازنة، بحسب ما قاله اللاعب نفسه، كما وصف حصوله على بطولة دوري الأبطال مع "الكتيبة الحمراء" في عام 2013 أمام أورلاندو بايرتس الجنوب إفريقي الأفضل في مسيرته، وهو ما يؤكد أنه يشعر بخفي حنين لجمهور "التالتة شمال"، الذي طالما تغنى باسمه في المدرجات، أبرزها هتاف "صلي على الحبيب.. فتحي بـ100 لاعيب".
ختامًا، تجربة أحمد فتحي تستحق من كل الجماهير سواء أهلاوي أو زمالكاوي أو إسماعيلاوي أو اتحادواي أو مصراوي أو غيرهم، الاحتفاء بلاعب أمتعنا كثيرًا طوال مسيرته المليئة بالإبداع، فهو عشق كرة القدم من خلاله تفانيه في العمل، الذي كان كلمة السر وراء نجاحه في اقتحام قلوب كل الجماهير بمختلف انتماءاتها، ومن الصعب أن يتكرر هذا النموذج في ملاعبنا كثيرًا، ونتمنى له التوفيق فيما هو قادم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة