خلال أيام يحسم الأمريكيون الانتخابات الرئاسية، بين مرشحين هما نائبة الرئيس بايدن كامالا هاريس، والرئيس السابق دونالد ترامب، وبالرغم من السخونة التى تتسم بها الانتخابات الأمريكية على مدى عصور، فإن هذه الدورة والدورات السابقة، اتسمت بحالة من التلاسن وصلت إلى حد تلطيخ المرشحين لبعضهما، بشكل يتجاوز الكثير من الحدود، ويرى البعض أن السبب هو وجود مرشح مخالف عن المعروف والشائع أمريكيا، هو دونالد ترامب، الذى اعتاد أن يطلق التصريحات والأحكام ويدخل فى صراعات مع أكثر ثوابت التركيبة الأمريكية، عندما تصادم مع الإعلام ومواقع التواصل، واتهم بتحريض مؤيديه على اقتحام البرلمان إلى آخر القائمة.
هناك تفسير لهذا الشكل الجديد الذى يصل إلى حد تشويه المرشحين لبعضهما واستعمال ألفاظ وعبارات غير معتادة، ربما كانت وراء هذا مواقع التواصل التى حولت الانتخابات إلى ملاكمة وتلاسن، وصلت إلى ذروتها فى سباق هيلارى كلينتون ودونالد ترامب، 2016، والذى شهد أكثر المواجهات عنفا، واتهامات وصدامات، وقد رصدنا يومها أنه بقدر ما كان «الإعلام قوة كبرى خلال العقدين الأخيرين فى العالم وهو من أسقط هيبة الكثير من الشخصيات والمؤسسات، إلا أن انتخابات هيلارى ودونالد ونتائجها أسقطت الهيبة عن هذه القوة وكشفت عن دور المال والانحيازات، مع تبادل الاتهامات بالتدخل والتلاعب فى العملية الانتخابية التى انتهت بفوز دونالد ترامب على العكس من كل التوقعات واستطلاعات الرأى ومراكز الأبحاث، ووصل الأمر بالديمقراطيين إلى الإشارة لوجود أصابع روسية فى الانتخابات الرئاسية، وهى اتهامات لم يتم إثباتها وأثارت سخرية روسية، لكونها تأتى من داخل أمريكا المتهمة دائما بالتدخل».
كان فوز ترامب مفاجأة، لأن كل استطلاعات الرأى كانت تشير لفوز هيلارى، وهو ما طرح أهمية إعادة النظر فى هذه الاستطلاعات، وهى الآن تشير الى تعادل بين كامالا وترامب، لكن حتى يوم الانتخابات هناك الكثير مما يحدث وهل يفوز ترامب بفترة رئاسية ثانية، أم تفوز كامالا وتغلق بابا يثير الكثير من الجدل.
فى كلمتها الانتخابية الختامية قالت كامالا هاريس عن منافسها الجمهورى دونالد ترامب إنه لا يصلح لقيادة البلاد، ووصفته بأنه غير مستقر، ومهووس بالانتقام، وظالم، ويسعى إلى السلطة دون رادع، ودعت الأمريكيين إلى «طى صفحة ترامب»، باعتبار أنها «أى كامالا» تمثل جيلا جديدا من القيادة، ونفس الأمر من ترامب، وبالتالى فقد تحولت الانتخابات الأمريكية إلى «نشر غسيل قذر»، متبادل بين المرشحين.
ومن مفارقات الانتخابات أن الرئيس جو بايدن أثناء حديثه عن أنصار المرشح الجمهورى دونالد ترامب، وصفهم بأنهم «قمامة» وهو ما أثار استياء الديمقراطيين واضطرت كامالا هاريس لإعلان اختلافها مع مثل هذه الأوصاف، لكن الجمهوريين اتهموا بايدن بتشويه سمعة ناخبى ترامب، وأعادوا التذكير بتصريح هيلارى كلينتون الشهير فى عام 2016 والذى وصفت فيه ناخبى ترامب بأنهم «سلة البائسين»، الديمقراطيون طالبوا بايدن بإغلاق فمه، وإبعاده لحين انتهاء الانتخابات، لكن بايدن تصادم مع الملياردير إيلون ماسك، وقال أثناء لقاء انتخابى «ماسك حليف ترامب الجديد الثرى، تبيّن أن أغنى رجل فى العالم كان عاملا غير شرعى، وأنه دخل بتأشيرة طالب وانتهك التأشيرة، وكان ينتهك القانون بعكس كل هؤلاء غير الشرعيين، وكان بايدن يرد على انتقادات ماسك لإدارته بسبب «الترويج النشط للهجرة غير الشرعية»، بينما يدعم الهجرة الشرعية.
الشاهد أن الانتخابات الأمريكية على مدى عقد تقريبا تحمل الكثير من «عمليات نشر الغسيل»، وخلال أيام تحسم النتيجة، ليبقى ترامب فى الصورة، أو يختفى لأربع سنوات قادمة وتصعد كامالا وسط جدل لا يتوقف يشغل العالم والداخل الأمريكى.
مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع الورقي