آسر أحمد

الطريق والمُغريات والرُوح المستنزفة

الأحد، 10 نوفمبر 2024 05:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تجارب كثيرة يخوضها المرء طوال الطريق، الطريق الذي دائمًا ما ينتهي بالوصول مُنهكًا أو فاقدًا لشيء ما، الطريق الذي نادرًا ما ينتهي بدون استنزاف الكثير والكثير من طاقتك وروحك، فلحظة الوصول هي التي تنسى فيها كل مشقات السير، فالسير هنا ليس قدمًا أو ركضًا، فهو سير الروح، الروح التي يولد بها المرء كاملة لا يشوبها شائبة، وبالرغم من ذلك فكل الطرق تعمل بكل جهد على إفقادها كمالها.

طوال الطريق تتعرض الروح للكثير من المغريات التي تساعدها على حرق مجهود أكبر للحفاظ على خط السير، وهنا المُغريات تكمن في (التعلق والحب) فبدون تلك المغريات لن تستطيع الروح مواصلة الطريق، ففي بعض الأحيان تعد نافعة وفي غالبية الأحيان يتضح للمرء أنها ضارة بكل محركات السير، فهي تعمل بآلية يصعب على المرء فهمها من لحظتها الأولى، تظل تسير وتسير دون توقف، فهي تساعدك على حرق مجهود أكبر وبسرعة أكبر، ليتضح لك في توقيت الوصول أن كل محركاتك كانت تعمل عكس التيار، وأن روحك أنهكت وتلاشت مع كل خطوة خطوتها للأمام، وتنصدم بأنك كنت تسير في طريق ليس طريقك.
المغريات تساعدك على الوصول ولكنها تمنعك عن فهم ما يدور حولك من حقائق، فهي تغذي جانبًا عاطفيًا فقط وتلغي جانبك العقلاني، لتجد روحك في النهاية تلاشت مع كل خطوة، وأنك حتى وإن عدت للنقطة صفر لن تنفعك تلك التجربة بشيء.
الوصف السابق هو للعلاقات الاجتماعية، وتورط الروح في علاقات مسمومة تستنزف من روحك الكثير من الطاقة في طريق ليس طريقك، فالمغريات هي تعلقك بالأشخاص ولحظة التعلق يرى المرء طريقه من زاوية ضيقة للغاية، فبالتالي يغفل عن رؤية الكثير من المخاطر حوله التي ينصدم بها لحظة الوصول (وهنا لحظة الوصول هي تلاشي تلك المغريات) ويفوق المرء على مجهود بلا فائدة وروح مستنزفة تفقد الشغف بكل من حولها.

يتعلق المرء بأصدقاء وأحباب ويبذل كل ما هو غالٍ ونفيس في إرضائهم لسير العلاقة، فكما تعودنا ورأينا أن العلاقات تسير للأمام بالتضحيات، ولكن التضحيات المتبادلة، وليست المنفردة، ولذلك يتوجب رؤية الأمور من زاوية أوسع وأكبر لتدرك وترى المجهود المبذول من الجانب الآخر لتقييم العلاقة، لأنك إذ رأيتها من زاوية أضيق أغفلت عن رؤية الحقيقة والواقع، وفي الواقع تكمن الحقيقة، لذلك على كل شخص أن يعي تمامًا أن المجهود المبذول في العلاقات هو ليس بمجهود بدني يساعدك على تحسين صحتك ولياقتك، ولكنه مجهود "روحي" كلما فقدته واستنزفته نقصت كميته حتى ولو كان محيط من الروح.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة