حازم الجندى

حكم الدستورية العليا وملف الإيجار القديم الشائك.. كيف نحقق التوازن

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2024 10:13 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لقد آن الأوان لوضع حلول جذرية لأزمة الإيجار القديم، ذلك الملف الشائك الذي لم تجرؤ الحكومات السابقة في العقود الماضية أن تقتحمه لحل إشكالياته وتحقيق التوازن والعدالة في العلاقة بين المالك والمستأجر؛ فقانون الإيجار القديم يتعلق بملايين المواطنين وهناك حالة اشتباك قائمة بين الطرفين بسببه منذ عشرات السنين، ورغم ذلك كانت هناك بعض المحاولات البرلمانية لفتح هذا الملف وإجراء تعديلات تشريعية على القانون لحلحلته لكن بعض الظروف حالت دون استكمال هذه الخطوات.

وجاء حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر يوم السبت الماضي، والذي قضى بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1) و (2) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، ليكتب كلمة البداية في سيناريو حل أزمة الإيجار القديم الشائكة.

المحكمة الدستورية العليا حددت في حكمها اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب تاريخًا لإعمال أثر هذا الحكم، أى أن مجلس النواب ملزم قبل انتهاء دور الانعقاد الخامس الحالي من إصدار تشريع لتنفيذ حكم الدستورية بعدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية في نظام الإيجار القديم عند 7%، والذي يمثل انتصارًا للملاك ويدفع نحو زيادة الإيجار بشكل متناسب مع الوضع الحالي. 

مجلس النواب بادر فور صدور الحكم بإصدار بيان يؤكد فيه التزامه بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا من خلال التعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ الحكم، وأوضح أن مكتب المجلس كان قد كلف لجنة الإسكان بالمجلس في وقت سابق بإعداد تقرير ودراسة مستفيضة عن ملف قوانين "الإيجار القديم"، وتقييم أثرها التشريعي، مع دراسة الخلفية التاريخية للتشريعات الخاصة بهذا الملف، وكذلك الاطلاع على أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بهذا الشأن كافة، مع دراسة وتحليل كل البيانات الإحصائية التي تسهم في وضع صياغة تضمن التوصل إلى أفضل البدائل الممكنة التي تتوافق مع المعايير الدولية والدستورية بشأن الحق في المسكن الملائم والعدالة الاجتماعية، فضلا عن إعادة النظر في قوانين وأنظمة الرهن العقاري.

أيضاً مجلس النواب تعهد بطرح هذا الملف على المجلس في الجلسات العامة القادمة في ضوء تقرير أعدته لجنة الإسكان بالمجلس، وهى خطوة مهمة تؤكد جدية البرلمان في تناول هذا الملف، خاصة أنه كانت أيضاً هناك لجنة مشتركة برلمانية حكومية لدراسة هذا الملف وتوصلت إلى تفاهمات طيبة بشأن حلول أزمة الإيجار القديم، هذا إلى جانب تكليفات رئاسية من الرئيس عبد الفتاح السيسي في وقت سابق بتعديل القوانين التي تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في ظل قوانين الإيجارات القديمة، بهدف إقامة التوازن - الذي غاب عن تلك العلاقة التعاقدية لعقود طويلة - في الحقوق والالتزامات.

فالدولة المصرية جادة في طرح هذا الملف المهم والخطير للحوار بشأنه للوصول إلى حلول جذرية تحقق الصالح العام وتنفذ أحكام المحكمة الدستورية العليا، ومجلس النواب أمامه الفرصة سانحة لوضع تعديل تشريعي شامل لقوانين الإيجار القديم بعد دراستها بتأني والاستماع إلى وجهات نظر جميع الأطراف، فقبل نهاية دور الانعقاد الحالي المجلس مطالب بإصدار التعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا.

إن قدرة البرلمان على إنجاز وحسم قانون الإيجار القديم سيكون بمثابة لحظة تاريخية تحسب لمجلس النواب، لذلك يجب الإسراع في مناقشة تعديلات قانون الإيجار القديم وعقد حوار اجتماعي موسع بشأنه بحضور مختلف الأطراف من المالك والمستأجر ورجال القانون المتخصصين، وغيرهم.

فهذا القانون المتعلق بالإيجار القديم يحتاج إلى فترة انتقالية لضمان تحقيق التوازن بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين وتحديد الأجرة بقانون، الإيجار يتعين دومًا أن يتساند إلى ضوابط موضوعية تتوخى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية، مما يوجب تدخل المشرع لإحداث هذا التوازن.

وفي هذا المقام، تلاحظ أن هناك أطراف عديدة تتوافق على سيناريو حل هذه الأزمة ببعض الإجراءات من تحديد القيمة الإيجارية العادلة وتطبق بالتدريج بأن تكون هناك فترة انتقالية خلال تطبيق القانون لحل هذه المشاكل، فلابد من حوار موسع حول هذا القانون والاستماع إلى كل وجهات النظر.

إننا أمام حكم تاريخي وملزم يقضي بعدم دستورية الفقرة الأولى في كل من المادتين رقمي (1) و (2) من القانون رقم (136) لسنة 1981، في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، وهو حكم له أهمية خاصة في تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر ويضمن عدالة توزيع الأعباء والمنافع بين الطرفين.

فالمحكمة الدستورية أكدت على أهمية وضع ضوابط موضوعية ومرنة لتحديد قيمة الإيجار بما يتناسب مع المتغيرات الاقتصادية، وبما يضمن تحقيق التوازن بين الطرفين، مع صياغة آليات جديدة تتيح تعديل الأجرة بناء على المتغيرات الاقتصادية بما يضمن للمالك تحقيق عوائد سنوية مناسبة، وهناك ضرورة بأن يتم ذلك من خلال حوار مجتمعي واسع يشارك فيه مختلف الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى حلول توافقية تحقق العدالة والاستدامة، وتحقق حماية مصالح جميع الأطراف دون تغليب مصلحة طرف على حساب طرف آخر، وهو ما يساهم في خلق بيئة قانونية تعزز من الاستقرار الاجتماعي وتدعم النسيج المجتمعي.

فقانون العلاقة الإيجارية لا بد أن يكون قائم على تحقيق التوازن النسبى فى العدالة بين الطرفين، فيجب أن يكون تعديل قانون الإيجار القديم شامل سواء سكنى أو غير سكنى، يتضمن جميع الأمور، فلسفته قائمة على التدرج، يحرر العلاقات بناء على مساحات زمنية كافية، الأهم أن تحل هذه المشكلة، وتؤمن كافة الناس سواء المستأجر أو المالك والذي حقه الدستورى والشرعى فى استرداد حقوقه، وبشأن شكل تطبيق الزيادة الجديدة فى القيمة الإيجارية، فأرى أهمية أن تكون بشكل تدريجى على عدة سنوات، حتى تصل إلى القيمة السوقية الحالية بعد بضع سنوات من التدرج فى الزيادة.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة