الاحتلال الإنجليزى ظل جاثما على صدور المصريين 74 سنة، سطر فيها الشعب المصرى بكل طوائفه مقاومة ونضالا عظيما سجله التاريخ بأحرف من نور، ونظرا للحركات المقاومة والتى كبدت الاحتلال خسائر كبيرة، قرر أن يصنع ورما خبيثا فى جسد الأمة، يؤلمها ويرهق جسدها، ويحقق أهدافهم وهم جالسون على مقاعد المتفرجين، كل ما يقدمونه هو الدعم السياسى والمالى!
الورم الخبيث زرعه الاحتلال الإنجليزى فى 22 مارس 1928 أى بعد 46 سنة من احتلالهم لمصر، وهو تاريخ تأسيس جماعة الإخوان، عقب فشلهم فى بسط سيطرتهم المطلقة على الشارع، وأن يوما بعد يوم كانت المقاومة تتصاعد، ونار الغضب تشتعل فى صدور المصريين، مطالبين بوجوب طرد المحتلين المغتصبين، ووصلت مقاومة ونضال المصريين إلى الذروة عندما خرجوا بكل طوائفهم فى ثورة عظيمة 1919، وإن كل مؤرخ منصف يستطيع من خلال قراءة الأحداث وربط الوقائع، أن يؤكد بما لا يدع مجالا لشك، أن ثورة 1919 كانت الحدث الأبرز لتأسيس جماعة الإخوان لتكون فى مواجهة الشعب المصرى ومطالبه التحررية!
كتالوج التاريخ، واضح وجلى، فى القدرة على التفكيك والربط، فإنه يكشف بجلاء لا لبس فيه، أن جماعة الإخوان لم تُضبط فى تنفيذ عملية مقاومة واحدة ضد من زرعهم، الإنجليز، وأن ما تردده عن نفسها، كذب أشر، والعكس صحيح، فما كانت تفعله يصب فى مصلحة الاحتلال وبالتبعية، مصلحتها الشخصية، بينما مصلحة الوطن والشعب، فلا يعنيها وخارج أطر اهتماماتها وأولوياتها!
الأمر يتضح أكثر، بأن الجماعة لا يعنيها وطن، ومندثر من صدور كل أعضائها وقياداتها فضيلة الانتماء والوطنية، وفق شعار كبير كبراء منظريها سيد قطب، «وما الوطن إلا حفنة من تراب عفن» وأن لديهم حلم استعمارى توسعى لتأسيس كيان وهمى «أستاذية العالم».. وهى أدبيات تقطع بأنه لا انتماء لوطن ولا احترام لرايته ولا مقدراته ولا أهمية لشعبه، فإنه لا يعنيها الدفاع عن الوطن ومقاومة المحتل ولا يعنيها الحفاظ على الأرض وحماية حدوده، والدليل الأكبر على ذلك أنه عقب نكسة 67 واحتلال إسرائيل للضفة الغربية والجولان وغور الأردن بجانب سيناء الذى استمر احتلالها 6 سنوات، وجدنا المصريين يهبون من وسط أحزانهم وانكسارهم، ويشكلون مقاومة شعبية رائعة، بجانب عمليات الجيش التى نفذها ضد عدد من الأهداف الإسرائيلية فى سيناء وفى قلب إسرائيل مثل إيلات، وهو ما كبد الإسرائيليين خسائر فادحة، فيما يسمى بحرب الاستنزاف، التى مهدت لانتصار أكتوبر العظيم.
ووسط هذه الحالة الحبلى بالمشاعر الوطنية والاستبسال والتضحية لتحرير الأرض، كان هناك سؤال مهم: ماذا كانت تفعل جماعة الإخوان حينها؟!
الإجابة صادمة، فكل المعلومات الموثقة بالأدلة الدامغة أكدت أن جماعة الإخوان لم تشارك فى عملية مقاومة واحدة ضد الاحتلال الإسرائيلى، سواء فى سيناء أو السويس والإسماعيلية وبورسعيد، وهى المحافظات التى انطلقت منها المقاومة الشعبية ضد المحتل.
وهنا تكتسب شهادة قائد المقاومة الشعبية فى السويس، الراحل حافظ سلامة، والذى نفى أكثر من مرة فى تصريحات تليفزيونية وصحفية، أن يكون لجماعة الإخوان أى دور فى مقاومة المحتل الإسرائيلى، أو الدفاع عن السويس، وباقى مدن القناة، متحديا أن يكون للجماعة دور حتى فى حرب أكتوبر المجيدة، وأوضح «سلامة» أن السويس أثناء الحرب لم يدخلها إلا سكان السويس أنفسهم، وكانت المدينة وقتها منطقة عسكرية لا يمكن دخولها إلا بأمر من الحاكم العسكرى وقتها.
ولم يكن موقف جماعة الإخوان من عدم المشاركة فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلى بسيناء، والمنطلقة من السويس والإسماعيلية وبورسعيد، وإنما رفض الإخوان، وجناحهم المسلح، بشكل واضح، المشاركة فى المقاومة الشعبية فى بورسعيد ومدن القناة ضد العدوان الثلاثى فى 56، على اعتبار أن ذلك كان سيعتبر دعما لحكم ضباط ثورة يوليو.
ونأتى للدليل الدامغ والقوى على عدم مشاركة الإخوان فى مقاومة إسرائيل وفرحتهم الشديدة فى هزيمة مصر وانكسارها فى 67، والذى ورد على لسان مرشدها العام الدكتور محمد بديع فى رسالته الأسبوعية فى يونيو عام 2011، التى واكبت ذكرى النكسة بقوله: «بعد كل تنكيل بالإخوان كان الانتقام الإلهى سريعا، فعقب اعتقالات 54 كان العدوان الثلاثى 56، وبعد اعتقالات 65 كانت الهزيمة الساحقة فى 67».
ونسأل من جديد، هل هناك خيانة لجماعة أو تنظيم أو أفراد فى أى بقعة على هذا الكوكب مثل التى ترتكبها جماعة الإخوان، وباعترافاتهم المكتوبة والواردة على ألسنة قياداتها؟!
الحقيقة الوحيدة، أن عقيدة الإخوان ورفاقها داعش والقاعدة والنصرة، هى الجهاد فى بلاد المسلمين، ومحاربة الجيوش المسلمة التى تنطق بالشهادة، لا إله إلا الله محمدا رسول الله، وقتل أبناء المسلمين، وتدمير ممتلكاتهم، وتخريب منشآتهم العامة، واغتصاب نسائهم، وبيع بناتهم فى سوق النخاسة، والتنكيل بأطفالهم وشيوخهم.. بينما يتركون دول الكفر والإلحاد، من وجهة نظرهم أيضا، يستتب فيها الأمن والأمان والاستقرار وتتقدم وتزدهر، وأبرزها إسرائيل.