تمر اليوم ذكرى اندلاع انتفاضة شعبية في مصرضد الاحتلال البريطانى والحكومة التى يرأسها محمد توفيق نسيم باشا، وذلك بعد 5 سنوات من قيام حكومة إسماعيل صدقى بإلغاء "دستور 1923"، الذى كان يضمن قدرا كبيرا من السلطة للشعب وأصدرت بدلًا منه "دستور 1930"، الذى منح الملك سلطات فى تعيين وعزل الحكومات، والتي عرفت بانتفاضة 1935 وذلك في مثل هذا اليوم 13 نوفمبر 1935.
وحسب ما جاء في كتاب "1935" من تأليف باسم عادل: كانت مصر في هذه الفترة تمر بأحداث سياسية ساخنة، وفي عام 1935 انتفضت مصر في ردة فعل طبيعية لما جرى من احتقان سياسي وشعبي لسنوات خمسة، فمصر ما بين بداية عام 1930 تقلد زمام الأمور بها وزارات غير شعبية، تحت راية دستور 1930 الذي جاء لإلغاء دستور1923 الليبرالي، وفقًا لمخطط نفذه رئيس الوزراء إسماعيل صدقي بمباركة القصر والإنجليز، وجمع خيوط السلطة والعمل السياسي كلها بيد الملك فؤاد، بعد أن نجح دستور 1923 في تحويل مصر إلى ملكية دستورية، لها برلمان ووزارة يتمتعان بصلاحيات كبيرة.
وكانت انتفاضة الشعب في ذلك العام، ثورة شعبية حقيقية، لكنها من الثورات المنسية في التاريخ المصري، تمامًا كما حاول البعض إسقاط ثورة 1919 من الذاكرة.. لكن محاولاتهم فشلت فشلا ذريعًا، وشعب مصر.. شعب جسور، تتشعب جذوره في أرض الحضارات التي كانت على مر التاريخ مطمعًا للقوى الاستعمارية الكبرى، لكن بسالة الشعب لم تصمت أمام ظلام هذه القوى، غير أن تلك القوى المحتلة الباطشة حاولت كثيرًا أن تمحو تاريخ المقاومة الشعبية المصرية من أذهان الأجيال القادمة، فزيفت التاريخ، ودنست حقائقه بالزور والبهتان.. وقد فشلت كثيرًا في ذلك.. ونجحت في القليل من المحاولات، ومنها ثورة يوليو 1798 التي قامت ضد الحكم العثماني في مصر، ونجح بلاط الحكم العثمائي في محوها من التاريخ، لذلك لم تذكرها الأجيال أو عرفت عنها شيئًا.
وثورة 1935 اندلعت بغضبة الشباب الذي تربى على ذكرى ثورة 1919، فنزل إلى الميادين مطالبًا بعودة دستور 1923، وأمام غضبتهم اضطر الملك فؤاد إلى تلبية مطالب الشباب، فأعاد الدستور القديم، وأقال وزارة محمد توفيق نسيم برمتها، وأسند الوزارة إلى الزعيم مصطفى النحاس.
وشباب مصر كان هو مفجر هذه الثورة، التي اختلفت عن ثورات الوطن السابقة حيال الظلم والاحتلال عبر تاريخه، لأنها أتت بردة فعل قوية، ولكون قلبها ونبضها شابًا فتيًا، فقد تأثر الشباب كثيرًا بثورة سعد باشا زغلول ومقاومته للاحتلال البريطاني، ولما التحقوا بالجامعة المصرية تشكل وجدائهم الوطني، وعملوا بالسياسة، وأشعلوا المشهد السياسي بوعيهم العاشق لتراب الوطن، فسادت حالة من الغليان أوساط الشباب في الثلائينيات، إلى الدرجة التي دفعت شيوخ الأحزاب بعد ذلك في عام 1936 إلى قبول المعاهدة بين مصر وبريطانيا تخوفًا من أن يجرفهم تيار الشباب الجديد.