ما زلنا نتحدث عن الحجرة الأمامية التي يبلغ طولها ثمانية أمتار، والتي دخلها اللصوص مرتين.. وقد وجدنا أن المدخل الموجود في منتصف الحائط الشمالي تم تبليطه وأغلق وأحيطت الأحجار بتمثالين للملك توت عنخ آمون" بالحجم الطبيعي يطلق عليهم "حراس المقبرة"، أي أن الملك هو الذي يقوم بحراسة مقبرته بنفسه، وسوف نرى أحدهم مرتديًا باروكة كيسية وهى نوع من الغطاء الملكي، وعلى التمثال الآخر غطاء الرأس المعروف باسم "النمس"، وقد عُرض التمثال الثاني كأنه قرين الملك، وقد أرسلت وزارة الآثار معرضًا جديدًا لـ "توت عنخ آمون" من حوالي 150 قطعة سوف يطوف أوروبا وأمريكا حتى يتم الاحتفال بالمئوية بمرور مائة سنة على كشف المقبرة، وقد تم إرسال التمثال الثاني الذي عثر عليه داخل الحجرة والذي يغطى رأسه النمس، وهذا التمثال هو الذي سوف يستعمله المتاحف التي يعرض فيها "توت" للدعاية نظراً لكبر حجم التمثال وجماله.
أما قصة كشف هذه التماثيل فقد شرحها لنا كارتر وأشار إلى أنه عندما شاهد هذه التماثيل لأول مرة كانت مكفنة داخل شال كتاني من الخشب، وقد لونت بشرة التمثال باللون الأسود وكذلك براتنج سميك، ومن المعروف أن اللون الأسود عند الفراعنة كان له كناية تدل على الخصوبة والبعث، أي أن الملك كان يعطي خصوبة لأرض مصر، وأنه سوف يبعث مرة ثانية في الحياة الأخرى بعد الموت.
وقد وجد كارتر أيضًا أن النقبة وأغطية الرأس والصولجان كانت مطلية بالذهب، وقد أعتقد كارتر وبعض العلماء أن الفتحات المرجودة داخل التماثيل قد تشير إلى أن الملك أمسك بلغات من البردي ولكن فقدت وقد يكون ذلك من عبث اللصوص داخل المقبرة، ولنا أن نتصور اللحظات الجميلة التي عاشها المنقبون داخل المقبرة وهم يعملون بحرص شديد لأنهم داخل أهم كشف حدث في القرن العشرين، وكنت أتمنى أن أعرف شعورهم وهم يدخلون هذه الحجرة ويشاهدون التمثالين حراس المقبرة لأول مرة، أعتقد أنني بمكن أن أتصور لحظات الانبهار التي أنتابت كارتر وفريق العمل.. وقد كشفوا أيضاً عن قطعة هامة جداً ملقاة على الأرض وأيضاً بالقرب من أحد التماثيل، وذلك عبارة عن صندوق كبير ملون احتوى داخله على ملابس، أي أن هذا الصندوق كان عبارة عن خزنة للملابس، وقد تم فرز الملابس وأتضح أنها ملابس كان يرتديها الملك وهو صغير السن، لأننا نعرف أنه تولى الحكم وهو في من عمره، ولكن كارتر فسر هذا الصندوق وعرفه لنا باسم صندوق الصيد"، وهذا الصندوق له التاسعة غطاء مقبي وعلى جانبيه مناظر منقوشة تظهر الملك "توت" وهو يصيد الحيوانات المتوحشة أو يلعب لعبة صيد الصحراء، وعلى جانب الصندوق نرى معارك الملك مع السوريين والنوبيين، وقد يكون هذا هو السبب في تسمية الصندوق باسم "صندوق الصيد"...
وأعتقد هيوارد كارتر أن هذه الحجرة قد استعملت عبارة عن مخزن لتخزين آثار ليس لـ "توت" فقط بل لملوك آخرين، وقد عثر على آثار تحمل أسمال الملوك مثل "إخناتون" والد "توت"، و"تحتمس الثالث" الذي يعرف باسم نابليون العصر القديم"، و "سمنخ كارع" الذي يعتقد أنه الملكة نفرتيتي"، وحصلت على هذا الاسم بعد توليها الحكم، بالإضافة إلى امنحتب الثالث المعروف باسم "الباشا".