تخيل لو أن مصر أضافت قناة جديدة إلى اقتصادها، لكن هذه القناة ليست مائية، بل عقارية. مشروع يضخ مليارات الدولارات سنويًا إلى خزينة الدولة، يُعادل إيرادات قناة السويس، ويخلق فرص عمل لا حصر لها. بفضل موقعها الاستراتيجي، تاريخها الغني، وتشريعاتها الداعمة، تمتلك مصر القدرة على تحويل القطاع العقاري إلى "قناة سويس جديدة" للعملة الأجنبية. فهل نحن مستعدون لاستغلال هذه الفرصة؟
عندما ننظر إلى خريطة العالم، ترى مصر تحتل موقعًا فريدًا يربط بين القارات، لكن القيمة الحقيقية ليست في الموقع فقط. إنها في التاريخ، والإمكانات، والرؤية المستقبلية. مصر اليوم تقدم فرصة لا تعوض، ليست فقط لزيارة آثارها أو الاستمتاع بشواطئها، بل المشاركة كجزء من هذا التاريخ من خلال الاستثمار في القطاع العقاري ، تسعى مصر لتحقيق قفزة نوعية في هذا المجال، حيث ينعكس النجاح العقاري ليس فقط على الاقتصاد الوطني بل يمتد ليشمل تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزيز مكانة البلاد إقليمياً ودولياً.
في السنوات الأخير، شهد القطاع العقاري المصري طفرة استثنائية جعلته يشكل حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2023، وفقًا لتصريحات وزير الإسكان المصري المهندس شريف الشربيني. ارتفعت مساهمة القطاع من 57 مليار جنيه في عام 2018 إلى 124 مليار جنيه في عام 2023، بزيادة تعكس حجم الجهود المبذولة نحو التوسع العمراني وتحسين البيئة الاستثمارية.
هناك عده عوامل ساعدت في دفع عجلة هذا النمو العقاري، منها:
• الاستقرار السياسي والاقتصادي: الذي جذب المستثمرين بثقة أكبر.
• البنية التحتية المتطورة: من شبكات الطرق والكهرباء والمياه.
• المشروعات القومية الكبرى: مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديده والجلاله وغيرهم والتي تمثل واجهة استثمارية حديثة.
• النمو السكاني المتزايد: والذي يعزز الطلب على الوحدات السكنية والتجارية.
• تنويع المنتجات العقارية: لتناسب جميع الفئات.
وبالفعل استقطبت مصر استثمارات كبيرة من شركات دولية عملاقة، مثل:
شركة إعمار و ADQ القابضة و الدار وديار و بن غاطي وغيرهم الكثير
هذه الاستثمارات تُبرز الثقة الدولية في الإمكانات الهائلة للسوق المصري وقدرته على تحقيق عوائد مجزية.
تصدير العقار: فرصة بمليارات الدولارات
تتيح مبادرة الإقامة مقابل شراء العقار فرصة ذهبية لتصدير العقار المصري. فإذا تمكنت مصر من جذب 100,000 مستثمر أجنبي لشراء عقارات بقيمة 100,000 دولار لكل منهم، فإن ذلك سيضيف 10 مليارات دولار سنويًا إلى الاقتصاد المصري. هذا الرقم يعادل إيرادات قناة السويس ويؤكد على أهمية هذا المجال في دعم العملة الصعبة وتحفيز النمو الاقتصادي.
التحديات والفرص :
التحديات:
• التشريعات والقوانين: الحاجة إلى تحديث القوانين لتسهيل تسجيل العقارات وضمان حقوق المشترين.
• التسويق الدولي: الحاجة إلى استراتيجيات تسويق فعالة لجذب المشترين الأجانب.
• جودة المنتج: ضرورة رفع معايير التشطيب والخدمات لتناسب أذواق العملاء الدوليين.
الفرص:
• السياحة والعقار وجهان لعملة واحدة: حيث يؤدي تعزيز تصدير العقار إلى ازدهار السياحة عبر تطوير المنتجعات والمجمعات السكنية.
• الاقتصاد الأزرق: استغلال السواحل المصرية في مشاريع سياحية وعقارية مستدامة.
• الربط مع القطاعات الأخرى: مثل التعليم والصحة، حيث يمكن تصدير الخبرات المصرية في إنشاء المدن الذكية وإعادة الإعمار في الدول المجاورة.
نظرة مستقبلية:
مع خطط الدولة لرفع نسبة الاستثمارات الخاصة إلى 70% بحلول 2030 وتحقيق نمو اقتصادي يتجاوز 6.5%، يبدو تصدير العقار المصري أحد أهم المحاور لتحقيق هذه الأهداف. من خلال تعزيز الشراكات الأجنبية، تطوير التشريعات، وتحسين جودة المنتج العقاري، يمكن لمصر أن تتحول إلى مركز إقليمي وعالمي لتصدير العقار، مما يضعها في صدارة الدول الجاذبة للاستثمارات العقارية.
اخيرا وليس اخرا :
في ظل التحديات العالمية، تثبت مصر مره أخرى قدرتها على تحويل التحديات إلى فرص، وفتح آفاق جديدة للنمو والازدهار. القطاع العقاري المصري ليس مجرد قطاع اقتصادي؛ بل هو ركيزة للتنمية، وبوابة للمستقبل. مع المشروعات القومية، والشراكات الدولية، والتوجهات الاستراتيجية، تسير مصر بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانتها كواحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية عالميًا.
إذا تم استغلال الإمكانات الهائلة المتاحة، وتصحيح مسار التحديات البسيطة، فإن القطاع العقاري يمكن أن يصبح قناة سويس جديدة، تضخ في شرايين الاقتصاد المصري حياه جديدة. المستقبل بين أيدينا، وما نزرعه اليوم سيؤتي ثماره لأجيال قادمة. مصر على الطريق الصحيح، والعالم يراقب... فلنكن على قدر المسؤولية ونصنع غدًا أفضل.