كنا قد تحدثنا فى مقال سابق بتاريخ 28 أغسطس الماضى عن أهداف نتنياهو الخفية وراء شن عمليات عسكرية فى الضفة الغربية بالتزامن مع الحرب على قطاع غزة، وأكدنا أن ما يحدث هو حرب عقائدية من أجل الأرض لا السكان، وأن ما يحدث فى الضفة حرب منسية لأن التوسع فى الاستيطان والعمليات العسكرية المستمرة والاعتقالات المتواصلة وزيادة الاستيطان الرعوى فى الضفة يؤكد نية الاحتلال فى الضم، وها هى الأيام تثبت ويتحدث وزير المالية الإسرائيلي ووزيرة الاستيطان أن عام 2025 عام فرض السيادة على الضفة الغربية.
والسؤال الكبير.. ماذا تعنى السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية؟
أعتقد أن الاجابة، أن هذا يعنى فرض القانون الإسرائيلي على مستوطني الضفة لخضوعهم للقوانين المدنية الإسرائيلية، وأن يتم إعلان المستوطنات مدنا إسرائيلية، وبالتالى يكون مصير الفلسطينيين أمام 3 خيارات، الأول الحصول على الجنسية الإسرائيلية بكامل الحقوق، والثاني، يكون وضعهم مثل وضع فلسطينيي القدس الشرقية "إقامة دائمة" ، والخيار الثالث وهو المرجح والمشئوم - فى اعتقادى - اعتبارهم مواطنين فلسطينيين يقيمون في أرض تابعة لإسرائيل مع احتفاظهم بهوياتهم الفلسطينية والخدمات المقدمة لهم من السلطة الفلسطينية، لكن مع فرض حصار خانق على تحركاتهم والتوسع، ويكون لهم محيط خاص بهم، ومع الوقت يتم تهجيرهم قسريا أو طوعيا.
وفى هذه الحالة تستطيع إسرائيل تغيير معالم الضفة وهويتها والواقع التاريخي والقانوني، حيث تأخذ طابعا إسرائيليا بحتا، خاصة بعد التوسع فى استيطان والمستوطنات، وتغيير الأسماء من عربية إلى عبرية.
والخطورة فى قرار الضم هو اعتراف الولايات المتحدة، خاصة أن إدارة البيت الأبيض الجديدة فى ظل حكم ترامب الذى كان له سابقة فى الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان وعلى القدس ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وبالتالى يتم تقويض أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، بل يكون ذلك بمثابة شهادة وفاة لما يسمى حل الدولتين الذي عليه إجماع دولي.
لذا، لابد من الانتباه ودق ناقوس الخطر لأن ما يحدث سواء فى قطاع غزة من تنفيذ خطة الجنرلات بفصل شمال القطاع والعمل على عودة الاحتلال و الاستيطان إليه. وكذلك أعمال الإبادة الجماعية والتطهير العرقي فى كل القطاع بهدف التهجير وكذلك ما يحدث فى الضفة الغربية وما يخططون له بفرض السيادة والضم، ما هو إلا تصفية للقضية الفلسطينية بكل أركانها ومرتكزاتها، لذلك فإن التعويل الحقيقى على الوحدة الوطنية الصادقة للفلسطنيين وإنهاء أى انقسام والتوحد فى وجه العدو، وأيضا على الإرادة العربية والإسلامية فى توظيف كل أوراقها وأدوات القوة لديها قبل فوات الأوان..