يعد المواطن شريكاً أصيلًا في بناء الوطن وحمايته وصون مقدراته والعمل على رفعته وعلو شأنه وازدهاره ونهضته، وهذا يستوجب أن يكون مشاركًا بقوة في التغلب أو التصدي لكل ما يواجه من تحديات أو أزمات قد تنشأ بصورة ممنهجة أو عشوائية أو في ضوء تموجات الأحداث المحلية والعالمية، وهذا يؤكد أن الشراكة والتعاون من أبجديات العمل الوطني ويشكل أهمية قصوى في بقاء ونمو الأوطان.
وندرك جميعاً مخاطر الشائعات المغرضة على كافة المجالات العلمية والعملية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والصحية والتعليمية والبيئية؛ حيث تقوض المسار التنموي لكل المجالات وتثير الشك وتفقد الثقة وتضعف الروابط بكل صورها وتحدث فتن لا يعلم مدى نتائجها السلبية إلا رب العباد، وهذا يحتم على الجميع التضافر من أجل وأد الشائعات والحد من انتشارها أو إبطال مفعولها ودحر مآربها الخبيئة.
وتقوم سياسة مواجهة الشائعات ودحرها على تضافر الجهود سواءً على مستوى المؤسسة الإعلامية بتنوعاتها المختلفة والمؤسسة التربوية من خلال ما تقدمه من أنشطة مخططة تستهدف تنمية الوعي بأنماطه المختلفة أو المؤسسة الدينية في ضوء ما تحث عليه من قيم نبيلة ينبغي التحلي بها والتمسك بما تحض عليه من ممارسات وسلوكيات مرغوب فيها، أو المؤسسة الاجتماعية وما تقدمه من دعائم خدمية للفرد والمجتمع في ضوء منهجية التنوير التي تبنى على فلسفة الأخلاق المجتمعية الأصيلة أو المؤسسة الأمنية وما عليها من أدوار فاعلة تجاه عمليات الانضباط وتنفيذ سياسة الزجر والعقاب التي تتسق مع صحيح القانون، ويسبق ذلك كله مؤسسة الأسرة التي تعضد النسق القيمي وتراقب السلوك عن كثب وتعمل على تقويمه وتسهم في تنمية الوعي بصورة مستدامة.
وهنا أرى ألا نتوقف عند حد المواجهة، بل ينبغي أن نتبنى استراتيجيات علاجية من شأنها القضاء على الظاهرة وتجعل الشعب يمتلك وعيًا سليمًا يعد بمثابة الجدار والسياج المنيع ضد ما تبثه المصادر والمنابر والمواقع المغرضة والممولة والموجهة تجاه قضايا المجتمع وهمومه وأحداثه وكافة خصوصياته، وهذا بالطبع يستلزم جهود مؤسسية مخلصة كي يتحقق ما تمت الإشارة إليه بشكل إجرائي نحصد منه نتائج مرضية.
ويتوجب علينا أن نغرس في النفوس ثقافة التثبت والتحري فيما نسمعه أو نشاهده أو نقرأه أو نتناقله من أخبار وأحداث؛ لأن الشائعة في الأصل تقوم على سياسة التزييف الجزئي؛ حيث تجتز جزءً من حقيقة ويستكمل بجزء مكذوب كي لا يجد مقاومة عند المتلقي، وهنا ينبغي ألا نساعد في نشر الشائعات والعمل على ترويجها بقصد أو بدون قصد، ومن ثم باتت التأكد من صحة المعلومة أو الخبر أو الحدث من مصادر موثوقة وموثقة أمر غاية في الأهمية ويجعل من يروجون الأخبار الكاذبة والشائعات المغرضة في موقف حرج وارتباك شديد ومن ثم نستطيع أن نقضي على عدم مصداقيته ومآربه الخبيثة.
والرجوع لأهل التخصص أمر وجوبي على الجميع حال انتشار شائعة مغرضة في أي مجال من المجالات؛ إذ نتحصل على المعلومة والخبر الصحيح من الجهة الرسمية والتي تمتلك مفردات الحقيقة، وهنا ندرك أهمية وقوة البيانات الإعلامية التي تصدر من مراكز المؤسسات الرسمية بالدولة؛ حيث ينبغي أن تكون على جاهزية تامة ولديها مقومات وآليات الرد والتصدي لكل ما قد يرد من شائعات خبيثة تستهدف إضعافها أو تشويهها أو التقليل من جهودها فيما تقدمه من خدمات على مستوى الفرد أو المجتمع.
وهناك أمرٌ ليس بالهين يتمثل في تعزيز ممارسة التعقل والتفكير والتدبر فيما يساق من شائعات ويتردد من أكاذيب؛ فهناك للأسف من يساعد على ترديدها دون جهد من تفكير فيما إذا كانت صادقة أم مكذوبة، وهذا يساعد في خلق بيئات داعمة لنشر الشائعات بكل أنماطها بين أفراد المجتمع وبكافة مؤسسات الأوطان، وبالطبع يسبب ضررًا بالغًا سواءً على المستوى الشخصي أو الجماعي، وهنا تنتشر سياسة التشوية والنيل من سمعة الفرد والمؤسسة؛ لذا تكمن الخطورة في أن نردد ونتحدث بكل ما نسمع أو نتلقى من معلومات وأخبار من مصادر غير رسمية وغير موثقة.
وثمة عادات يتوجب أن نفارقها ونبتعد عنها ومنها على سبيل المثال لا الحصر سوء الظن بالآخر؛ إذ يخلق هذا السلوك بيئة حاضنة لتواتر الشائعات وسرعة تقبلها والعمل على ذيوعها، وهو ما يتنافى مع صحيح الخلق القويم ولا تقبله عقائد سماوية ولا يتناسب مع خصائص الإنسانية السوية والنفوس التي تحمل الخير بين جنباتها، وندرك أن سوء الظن يجعل الإنسان متسرعًا في إصدار أحكامه على الآخرين وتلك نتيجة لها سلبيات وتداعيات وخيمة من ظلم وتشويه وتجني على المحكوم عليه.
ومن السلوكيات التي يجب التوقف عنها سياسة التتبع لأي سلبيات قد تحدث من شخص أو جماعة أو حتى مؤسسة بغرض التشويه والشماتة أو التشفي؛ حيث إن الكشف عن السلبيات يستوجب العمل على معالجتها ومن ثم تجاوز تداعياتها؛ لكن التشهير وتشويه السمعة ليس من خلق النبلاء ولا العقلاء، والتجربة الحياتية أكدت أن من يسعى دأبًا لتتبع العورات بنية خبيثة سوف تدور عليه الدائرة ويبتلى بما يفضحه.
إن تمسكنا بالخلق الحميد والقيم النبيلة يعد صمام الأمان لوأد الشائعات المغرضة، وسياجًا منيعًا لمحاولات العبث بالوطن ومقدراته من أهل الشر، وجسرًا قويًا للعبور نحو التقدم والرقي والنهضة والتنمية المستدامة، وحصن حصين تجاه من يحاول النيل من هذا البلد الآمن.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة