اعتاد متابعو السياسات الأمريكية فى عهد الرئيس الأمريكى المُنتخب، دونالد ترامب خلال ولايته السابقة، على التفاجؤ بسياسات مُختلفة أو قرارات صادمة بالنسبة لكثيرين، سواء فى الداخل الأمريكى أو خارجه، فربما تتسم قراراته بالجرأة أحيانا، وفى أوقات أخرى يُمكن وصفها بأنها «بره الصندوق»، فهو لا يهتم بالسياسات النمطية، أو الخط السياسى المُتعارف عليه بالنسبة لسياسات واشنطن، بل تكون لديه بصمة مُختلفة سياسيا كانت أو اقتصادية أو اجتماعية.
وبجانب أنه الرئيس الأمريكى الأبرز فى استخدام وتوظيف منصات التواصل الاجتماعى، لخدمة سياساته وأهدافه، وأيضا اختياراته للوزراء الجُدد التى أثارت الكثير من الجدل حولها خلال الأيام الماضية، أعلن تنفيذه لأحد وعوده الانتخابية، وهى تعيين الملياردير الأمريكى، ورئيس شركتى «تيسلا» و«سبيس إكس»، ومنصة «X» - تويتر سابقا - رئيسا للوزارة المُستحدثة بمُسى «الكفاءة الحكومية» - DOGE -، ويُشاركه فى قيادتها رجل الأعمال الأمريكى، والمُرشح الجمهورى السابق، فيفيك راماسوامى.
الوزارة الجديدة التى وصفها «ترامب» بأنها «مشروع مانهاتن فى عصرنا»، بما يعكس مدى اهتمامه بها وما سينتُج عنها من تغيير جذرى بحسب رؤيته وتوقعاته لها، ومن المُقرر أن تكون مهامها معنية بتقديم المشورة والتوجيه من خارج الحكومة، على أن يكون لها تواصل مُباشر مع البيت الأبيض، مُستهدفة الحد من الهدر المالى فى النفقات والقضاء على ما وصفه ترامب فى تصريحات له، بأنه «احتيال موجود فى أرجاء الحكومة»، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية.
ولعل اختيار «ماسك» و«راماسوامى» يُشير إلى رؤية مُختلفة لـ«ترامب» ربما تكون نقطة تحُول فى تاريخ الوزارات الأمريكية، كما يُمكنها أن تكون تجربة جديدة تستنير بها دول أخرى، تماما مثلما سارت حسابات ترامب عبر السوشيال ميديا مدرسة فى توظيف منابر الإعلام الجديد للترويج السياسى والدبلوماسى.
فالشخصيتان الشهيرتان كرجال أعمال، لم تقتصر شهرتهما على كونهما مليارديرات وإنما لنشاط أعمالهما الثرى دائما كل فى مجاله، ولجوء شركاتهما إلى سياسات مُختلفة، أكثر تطورا خاصة من النواحى التقنية والتكنولوجية والعلمية بما يضمن النجاح لها جميعا.
وعلى عكس أغلب المُتّبع فى دول العالم، من اتباع استراتيجية التحول الرقمى كآلية يُمكنها الحد من الفساد وهدر الأموال تحت بنود لا أهمية لها فى الحكومات، يأتى ترامب مُعتمدا على عقول مختلفة ذات بريق لا يُمكن أن يختلف عليه من يعرفها، فبإمكانها دائما أن تُقدم المزيد من الابتكار والإبداع فى مجالات مُختلفة، بما يُعزز قدرتهما على تخفيض الإنفاق إلى حد كبير، ولعل نجاح شركاتهما وأعمالهما سواء فى المجالات التكنولوجية بالنسبة لـ«ماسك» أو التكنولوجيا الحيوية بالنسبة لـ«راماسوامى»، لخير دليل على قدرتهما على القيام بهذه المُهمة، من خلال تقديم حلول من شأنها القضاء على الفساد والروتين والمشكلات البيروقراطية بما يُسهم فى تسريع وتيرة التنمية والنهضة الاقتصادية.
فهل سينجح «ماسك» و«راماسوامى» فى تحقيق حلم ترامب بأن يجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى «ماجا»، كما حمل شعار حملته دائما؟ هذا ما سنراه مع حلول 4 يوليو 2026، حيث صرّح ترامب أن مُهلته لمهام هذه الحكومة الجديدة، سينتهى بحلول هذا التوقيت، موضحا أنها ستكون هدية للبلاد فى الذكرى السنوية الـ250 لعيد الاستقلال الأمريكى.