المشهد العبثى الذى تؤديه ببراعة جماعة الإخوان حاليا، لتشويه مصر على كل المستويات داخليا وخارجيا، لا يمكن أن ينطلى على عقل طفل صغير، فالجماعة - ومنذ تأسيسها - لم يُسجل لها التاريخ موقفا وطنيا واحدا، واضحا كان أو حتى خفيا، وإنما سِجلُّها ممتلئ بجرائم الخيانة والغدر وتشويه وجه البلاد، والعمل على إسقاط مصر فى وحل الفوضى لتتمكن من السيطرة على مقدراتها باعتبار أن القاهرة هى العاصمة التى تنطلق منها أحلامهم فى تأسيس كيانهم الوهمى «أستاذية العالم» أو بشكل مبسط «حكم العالم».
جماعة الإخوان، وكعادتها منذ تأسيسها تبتهج وتنفرج أساريرها فى مآسى مصر، سجدوا شكرا لهزيمة 1967 واعتصر أمعاءهم الألم لانتصار 1973 على إسرائيل، وكان رد فعلهم المساهمة فى اغتيال صاحب الانتصار الوحيد على إسرائيل، وكأنهم يعاقبون مصر فى رمز قيادتها لانتصاره على «إسرائيل»، وانطلاقا من هذه النقطة، تتضح سياسة ومواقف الجماعة من إسرائيل، فبينما مصر شعبا وحكومات، دفعت كل غال ونفيس، بالدم قبل المال، فى سبيل دعم ونصرة القضية الفلسطينية، كانت جماعة الإخوان توظف القضية لمصلحتها، والاستفادة من دعمها النظرى، بينما الواقع كان بعيدا، ولم تفعل شيئا للقضية، وأظهرت من الود واستجداء الإسرائيليين عندما وصلت للحكم فى السنة السوداء 2012 ما لم يظهره أى مصرى مهما كانت أفكاره وانتماءاته وثقافته.
استجداء الجماعة لإسرائيل، يمكن تلخيصه فى مشهدين شارحين، الأول، الخطاب الشهير الموجه للرئيس الإسرائيلى «شيمون بيريز» تضمن عبارات الود والوفاء والإخلاص، بداية من عزيزى وصديقى العظيم، والرغبة الصادقة فى تطوير علاقات المحبة، وتعهد الجماعة بأن يبذل السفير الجديد صادق جهده، مطالبة من بيريز أن يشمله بعطفه وحسن تقديره، وختم الخطاب بعبارة «صديقكم الوفى محمد مرسى»
المشهد الثانى، الدال والقوى على كذب الجماعة وتلونها والبحث عن مصلحتها فقط، يتمثل فى التصريحات العلنية العجيبة لأحد أبرز قياداتها، الدكتور عصام العريان، فى ديسمبر 2012 يطالب فيها بضرورة عودة اليهود لمصر، وقال نصا: «أدعو اليهود المصريين للعودة إلى وطنهم، ويجب أن يرفضوا الاستمرار فى العيش تحت ظل نظام قمعى وعنصرى ملطّخ بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وقال أيضا: «لماذا طردهم جمال عبدالناصر من مصر؟! فهو بالتالى شارك فى احتلال الأراضى العربية، ومصر ليس لديها مانع من عودة أى يهودى، ومن الممكن أن يسترجع اليهود ممتلكاتهم، وهكذا قد يفسحون المجال لحق العودة للفلسطينيين، وهو أمر لا جدال فيه، ولا يستطيع أحد إلغاءه»، وهو أمر عجيب بينما يطالب بإجلاء اليهود من فلسطين، يريد توطينهم فى مصر!
المشهدان، وهما غيض من فيض، شارحان لموقف الجماعة الواضح من جميع القضايا الوطنية والقومية والإسلامية أيضا، فما تردده فى العلن مثل «على القدس رايحين شهداء بالملايين» تمارس عكسه واقعيا وخلف الكواليس بخطابات الاستجداء، وتوثيق العلاقات مع كل الأعداء وتقديم كل الولاءات لهم.
المدهش، أن الجماعة ترتكب من الموبقات ما لا يتخيله أكثر الذين يتمتعون بخيال خصب، وبلغظ عين، يهاجمون غيرهم، ويسفهون ويشككون من مواقف الدولة المصرية حيال كل القضايا بشكل عام، وتتهمها بالتقاعس فى نجدة الأشقاء الفلسطينيين رغم مواقف مصر الواضحة والخشنة والزاعقة، ومواصلة الليل بالنهار، لتقديم كل المساعدات، وتحشد المجتمع الدولى لوضع حد للعربدة الإسرائيلية، بشكل خاص، فى حين أن الجماعة تستجدى إسرائيل، وتبعث لحكوماتها رسائل الطمأنة والولاء والوفاء، بل وصل بهم الاستجداء المذل إلى المطالبة بإعادة اليهود لمصر!
الإخوان يضخمون الأحداث العادية، واعتبارها يوم القيامة، بينما يتناسون ما ارتكبوه من جرائم اغتيال والمشاركة فى حريق القاهرة، والتهديد بإعادة إشعال الحريق فى 2012، وهنا أذكر المصريين بـ5 أحداث حديثة فارقة، بطلها جماعة الإخوان، ولا يمكن أن تتجاوزها الأيام، أو يدهسها الزمن بأقدام النسيان، شهدتها السنوات القليلة الماضية، الأولى أحداث شارع محمد محمود ومحاولة اقتحام وزارة الداخلية، والثانية أحداث مجلس الوزراء وحريق المجمع العلمى، والثالثة أحداث العباسية ومحاولة اقتحام وزارة الدفاع، عمود خيمة الوطن، والرابعة التهديد علنيا بحرق مصر لو سقط محمد مرسى العياط فى الانتخابات الرئاسية 2012 أمام منافسه أحمد شفيق، والتأكيد أن لديهم 100 ألف مقاتل، سيتحركون فورا لإشعال النار لتقضى على الأخضر واليابس فى هذا الوطن، والخامسة الأحداث التى أعقبت فض اعتصام رابعة ومحاولة الإرهابيين تدمير البلاد!
الجماعة تبذل جهودا خرافية فى نشر الشائعات، عملا باستراتيجية «الدوشة تقنن أوضاع» فمن خلال تكرار الأكاذيب، تحاول إثارة البلبلة واللغط، لكن يظل الإجماع الشعبى، واعيا يقظا لا تنطلى عليه الأكاذيب.