توافق كبير فى الرؤى والتوجهات بين مصر والبرازيل تجاه القضايا الإقليمية والدولية، حيث تجمع الكثير من عناصر البلدين، فالبرازيل كانت دائما داعمة للقضايا العربية، وأيضا من الدول الكبرى التى تدعم إصلاح النظام الدولى، وإعادة بنائه بشكل أكثر عدالة وأقل ازدواجية، وهو ما يعطى أهمية للمشاركة المصرية فى قمة العشرين بالبرازيل بدعوة من الرئيس البرازيلى، لولا دا سيلفا، الذى يتفق مع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أنهما من أنصار الانفتاح على كل دول العالم، ومواجهة اختلال النظام العالمى من داخله.
الرئيس داسيلفا زار مصر فى فبراير الماضى بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث أكملت العلاقات بين البلدين 100 عام، ووقع الرئيسان يومها اتفاقيات فى ميدان العلوم التكنولوجية والزراعة، واتفقا على تطوير العلاقات بين البلدين فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والصناعية والزراعية والثقافية، وتشكيل لجنة مشتركة بين البلدين لتنسيق موضوعات التعاون والتنسيق وتنمية العلاقات، والآن يلبى الرئيس السيسى دعوة دا سيلفا لزيارة البرازيل، وحضور قمة مجموعة العشرين التى تعقد حاليا فى ريو دى جانيرو.
تناولت المباحثات بين الرئيس السيسى ونظيره البرازيلى فى العديد من القضايا الدولية، مثل إصلاح الحوكمة العالمية، وتسليط الضوء على إمكانيات التعاون فى المجالات الصناعية والدفاعية والثقافية، مع تبادل القطع التاريخية للمتاحف البرازيلية، وأكد دا سيلفا على تقديره للدور المصرى التاريخى فى مساندة الشعب الفلسطينى فى الوقت الذى أشاد فيه الرئيس السيسى أيضا بالمواقف البرازيلية الداعمة للقضية الفلسطينية، حيث تقف مع القضايا والمواقف العربية.
أعلن البلدان إقامة شراكة استراتيجية بينهما، وأعلن البيان المشترك لهما أن الهدف من الشراكة هو تحقيق مصالح وتطلعات الشعبين الصديقين، آخذا فى الاعتبار أن كلا البلدين أعضاء فى تجمع بريكس، الذى يقوم على روح الاحترام والتضامن والتفاهم المتبادل بين أعضائهما، وأكد البيان أيضا أن البلدين قررا تدشين شراكة استراتيجية بين هدفها تعزيز الحوار والتفاهم من خلال تكثيف العلاقات الدبلوماسية واللقاءات الثنائية وتبادل الزيارات بين المسؤولين رفيعى المستوى من البلدين والقطاعات الوطنية الأخرى، والتركيز على احتياجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية لكلا البلدين، والسعى لتحقيق المنفعة المتبادلة، وتكثيف التعاون فى المجلات السياسية والدبلوماسية ومجالات السلام والأمن والدفاع والاقتصاد والتجارة والاستثمار والبيئة والزراعة والعلوم والتعليم والتعاون التنموى والثقافى والرياضى والسياحى، وغيرها من المجالات.
أكد البلدان، مصر والبرازيل، رغبتهما فى العمل معا لترسيخ السلام، وتعزيز نظام دولى أكثر تمثيلا وعدالة، وتجديد وإصلاح النظام متعدد الأطراف، وتحقيق تنمية مستدامة ونمو شامل، ومع التأكيد على الأولوية التى يوليها البلدان لمكافحة الجوع والفقر وعدم المساواة، وتعزيز مسارات التكامل الإقليمى الذى يتشاركان فيه، ودفع التجارة والتعاون بين دول الجنوب العالمى.
هناك توافق وتواصل بين القاهرة والبرازيليا، وعلاقات تجارية تضع مصر ضمن ثانى دولة تجارية مع البرازيل فى أفريقيا، ثم إن كلا من مصر والبرازيل من الدول التى تتبنى مع دول أخرى دعاوى إصلاح النظام العالمى الحالى، الذى تشكل بعد الحرب العالمية الثانية ولم يعد قادرا على توفير العدالة أو مواجهة الأزمات بسبب الانحيازيات والازدواجية التى تجعله نظاما مختلا، ومن هنا فإن البلدين فى ضوء الثقل الإقليمى والدولى لكل منهما يسعيان لتطوير وإصلاح منظومة الحوكمة الدولية، لتكون أكثر عدالة خاصة تجاه مصالح دول الجنوب.
ومن هنا يمكن النظر إلى القمة 19 لدول العشرين، التى تنعقد فى ريو دى جانيرو بالبرازيل، فى ظل تحولات عالمية وأزمات تنعكس على التكتلات الاقتصادية والتغيرات التى تجرى بشكل متسارع، وقد كانت مصر حاضرة فى قمة العشرين الـ18 التى عقدت فى نيودلهى بالهند أو «بهارا» العام الماضى، وتضمنت مساعى لإعادة بناء قواعد الاقتصاد والنفوذ فى العالم بشكل أكثر توازنا، خاصة مع صعود دول اقتصاديا وتصاعد طموحات الدول الناشئة مع رغبة فى بناء قدرات اقتصادية تتناسب مع هذه التحولات.
هناك فرصة لتوسيع التعاون والشراكة، وتبادل الخبرات بين مصر والبرازيل، حيث أعرب لولا عن شكره لكرم الضيافة، الذى حظى به فى مصر فى فبراير من الماضى، ووجه دعوة للرئيس السيسى لزيارة البرازيل العام المقبل.