لا أحد يستطيع أن يٌزايد على موقف الدولة المصرية من دعم الأشقاء في غزة، فقد اتبعت منذ اندلاع الأزمة الراهنة سياسة قائمة على الرشد والحكمة، وهل يستطيع أحد أن ينكر موقف مصر الحاسم والواضح سواء على مستوى رفضها للتهجير القسري لأهل القطاع، والمطالبة بضرورة وقف إطلاق النار والضغط من أجل إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لغزة، خلاف دورها وجهودها السياسية والدبلوماسية التى تنطلق من مبدأ حسن الجوار ومراعاة القوانين الدولية وتحذيرها من اتساع دائرة الصراع.
والعجيب أن الكل يعلم أن إسرائيل تواصل الاستمرار فى التضليل والكذب، لكن عندما يكون هذا الكذب بشأن مصر نجد كثير من الترويج والتعامل مع هذا الكذب على أنه حقيقة وذلك لأغراض خاصة بعيد عن فلسطين وغزة، ولكن يتخذون من غزة ستار للطعن في موقف مصر وتشويهه.
بل الخطر الحقيقى أن هذه الأكاذيب التي تروج ضد مصر ما هي إلا دعايا مسمومة من قبل الكيان المحتل، ويتم التقاطها من قبل كارهى الدولة المصرية، متجاهلين أن هذه الدعايا والأقاويل والأكاذيب تخرج من تل أبيب لإضعاف الموقف العربى وإحداث فرقة بين الاشقاء لتشتيت الجهود والقضاء على الوحدة، ما يتيح لهم فرصة في تنفيذ مخططاتهم من خلال شق الصف العربى باستخدام كافة الأدوات والوسائل ومنها الشائعات وترويج الأكاذيب.
وبما أن مصر من أكثر الدول التي تحقق التوازن الاستراتيجي باعتبارها الدولة الأقوى والمحورى وذات الثقل السياسى والاستراتيجى قى الإقليم، فدائما صاحبة النصيب الأكبر من ترويج الأكاذيب ضدها، والنماذذج كثيرة مثل اتهامها فى محكمة العدل الدولية بغلق معبر رفح على غير الحقيقة الذى شهد بها قادة العالم ورؤساء الحكومات والمنظمات الدولية بجهود مصر فى إدخال المساعدات، ودورها المقدر فى إغاثة أهل غزة وفى مسار المفاوضات لتحقيق السلام وإنهاء الصراع.
غير أن إسرائيل دائما تسعى بقوة إلى تبرير فشلها الذريع فى تحقيق أهدافها بالقاء التهم على الآخرين من خلال سياسة المراوغة والخداع والتضليل، خاصة أنها تعانى من حالة ارتباك شديد على المستوى الداخلى والخارجي، فداخليا هناك انقسام بين أعضاء مجلس الحرب وخلاف كبير بين نتنياهو ووزير دفاعه، والمجتمع الإسرائيلي فى حالة غليان بسبب الفشل فى ملف الأسرى والخسائر البشرية والاقتصادية التى يتكبدها الجيش الإسرائيلي يوميا، وخارجيا فقد فقدت إسرائيل تعاطف المجتمع الدولى وهناك ضغوط كبيرة عليها لإنهاء الحرب ووقف إطلاق النار وحل الدولتين.
لذلك ليس هناك شئ أمام نتنياهو - فى اعتقادى - إلا افتعال الأزمات والقيام بإلقاء الاتهامات للنجاة بنفسه أو كسب أى انتصار لحفظ ماء الوجه لإسرائيل، لكن مصر تعلم هذا جيدا وتتعامل مع ما يحدث بيقظة تامة وتوظف ثقلها السياسى والاستراتيجى لخدمة القضية الفلسطينية.