في شهر يوليو الماضي توفي لاعب الكرة الشاب أحمد رفعت وصاحب وفاته فتح كثير من الملفات الخاصة بمعاناة اللاعبين في الوسط الرياضي ، سواء في كرة القدم أو في باقي الرياضات الجماعية أو الفردية ، وكان من المفترض أن يتم فتح هذه الملفات والعمل على رفع الظلم عن كثير من الرياضيين الذين لا يصل صوتهم للمسئولين ولا يجدون مفرا من الخضوع لتلك الأنظمة الرياضية البالية.
لم تمض سوى شهور قليلة وشهدت الساحة الرياضية حالة وفاة جديدة للاعب محمد شوقي لاعب كرة القدم في نادي كفر الشيخ ، الذي توفي منذ أيام في ملعب المباراة ونقلته سيارة إسعاف قيل من شهود العيان أنها لم تكن مجهزة ، وأنها سيارة ( نقل موتى ) وفارق اللاعب الحياة على الرغم من أن المستشفى كانت على بعد خطوات من الملعب.
كالمعتاد شغلت تلك القضية الرأي العام لعدة أيام ثم توارت مثلما توارى غيرها من القضايا والمآسي التي نشهدها في الوسط الرياضي دون أن تجد حلولا جذرية توقف مثل هذه الحالات التي تضيع فيها حياة شباب من الرياضيين في مقتبل شبابهم .
منذ أيام قليلة تحدث دكتور حازم خميس رئيس اللجنة العليا للرعاية الطبية للرياضيين ، في أحد البرامج الرياضية وأثار عدة قضايا مهمة تتعلق بالقصور في التجهيزات الطبية التي تشهدها المباريات خاصة في الأقاليم ، وتحدث عن ضرورة الكشف على اللاعبين كشفا طبيا رياضيا ، وقال إن من يمارسون الرياضات السريعة أكثر عرضة للإصابة بأزمات قلبية خطيرة عن غيرهم من الأشخاص العاديين ، بسبب تعرض الرياضيين لتغيرات فسيولوجية تجعلهم أكثر عرضة للموت المفاجئ ،لهذا يجب عمل بحث قلب رياضي للاعبين قبل ممارسة الرياضة.
قال أيضا دكتور حازم لابد من توفر جهاز الصدمات الكهربائية لدي كل الفرق واثنان من الطواقم الطبية يجيدان استخدام جهاز الصدمات لإنعاش الرئة والقلب بما يمكن أن ينقذ ٨٤٪ من الحالات ، وأن يكون توفر هذا الجهاز شرط لإقامة المباراة.
هذه المشكلة تكمن بالطبع لدى الأندية الفقيرة في الأقاليم ومراكز الشباب التي تفتقر إلى توفر أدنى الإمكانات ، ولعل كل هذا يعيدنا إلى مشكلتنا الكبرى التي عانينا منها لسنوات طوال حين استطاعت جماعة الإخوان وجماعات السلفيين أن تستقطب آلاف الشباب ، الذين تحولوا من ثروة وطنية إلى قنابل موقوته كادت تفجر أمن واستقرار هذا البلد ، وقد خرجت الأصوات حينئذ تطالب بالاهتمام بالثقافة والرياضة وجذب شبابنا لهذه الأنشطة حتى لا يقع فريسة سهلة لهذه التيارات التي كادت تدمر جيلا بأكمله .
ثم نأتي اليوم ونكتشف أن هذه الأندية لا تتوفر فيها حتى سيارة إسعاف ، ولا تتوفر أجهزة صدمات كهربائية ، ولا تتوفر مكافآت ولا دعم مادي ولا حتى معنوي ، ثم لا يجد هؤلاء الشباب من يستوعبهم سوى المتربصين بهذا الوطن ، فنصحو على كارثة جديدة ونندم على تهاوننا في حق شبابنا .
نحن إذن أمام أزمة حقيقية ، وقضية لا تتصل بالرياضة فحسب بل هي في صلب الحفاظ على قطاع كبير من هذا الشعب ، وهو شباب القرى والأقاليم وبدلا من جذبهم واستيعابهم نجد أننا نتركهم لمواجهة المجهول. هذه النوادي ومراكز الشباب في القرى والمدن الصغيرة هي الأولى بالرعاية ، فالأندية الكبرى لديها من الإمكانيات والداعمين والميزانيات ما يؤهلها لتحمل مسئوليتها والاعتماد على قدراتها الذاتية ، ولكن ماذا عن الأحياء الشعبية والقرى والمراكز ، من يمكن أن يدعمها ويدفع بشبابها نحو تحقيق أبسط حقوقه بممارسة الرياضة التي يفضلها ؟ هذه قضية جد خطيرة تستوجب تضافر قوى كثيرة لحماية شباب هذا الوطن. لعل وفاة اللاعب محمد شوقي تكون سبب في إنقاذ لاعبين آخرين وإصلاح أوضاع كثيرة آن الأوان لمواجهتها بمنتهي الجدية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة